الأحد، 13 يونيو 2010

هل لي أجر في قراءة القرآن رغم أن قرائتي مكسرة ضعيفة؟ وكيف أتدبر القرآن؟


الإمام ناصر مُحمد اليماني
13-06-2010 - 12:56 PM


إمامي الحبيب، هل لي أجرٌ في قراءة القرآن رغم أن قراءتي مكسرةٌ ضعيفةٌ؟
وكيف أتدبر القرآن؟

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وآله الطيبين الطاهرين والتابعين للحقّ إلى يوم الدين، وبعد. 
إني أراك تتفكر في كتاب الله وأريدُ أن أصلح تفكيرك بالحقّ وأهديك بالحقّ إلى صراط العزيز الحميد. وأما التعريف لكلام الله فهو أنه:
يتكون من علوم غيبية حقّ على الواقع الحقيقي، منها أخبار ما قبلكم ومنها أخباركم ومنها أخبار من بعدكم إلى يوم يقوم الناس لربّ العالمين، ومن ثم يتابع أخبار الآخرة ونتائج المؤمنين به والكافرين به من قبل فيشهدون تأويل علمه الغيبي يتحقق أمام أعينهم على الواقع الحقيقي. ولذلك يقولون. قال الله تعالى:
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} صدق الله العظيم [الأعراف:53].

إذاً الآيات التي يحتوي فيها كلام الله عن الآخرة يُحقق الله كلامه على الواقع الحقيقي، وأما الآيات التي تحتوي على كلام الله فيها عن أخبار الأولين فهي أخبار بمنتهى الدقة في الحقّ سواء أخبار المؤمنين أو الكافرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)} صدق الله العظيم [آل عمران]

وكذلك عن قصة يوسف وإخوته. وتصديقاً لقول الله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب نُوحِيه إِلَيْك وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} صدق الله العظيم [يوسف:102]، وكذلك قصص الأمم الأولى مع رسل ربّهم وكيف دار النقاش بينهم فكفروا، فأخبرنا الله كيف صنع بهم وأين أذهبهم.

ويا أخي السائل، إن القرآن كلام الرحمن فيه تفصيل لكل شيءٍ في حقائق البشر وحقائق الكون وحقائق في الدنيا وحقائق في الآخرة وحقائق في القصص، وفتاوى فقهيّة وعقائديّة وحدوديّة، وتنظيم الحياة للبشر في الأرض، ويأمر بالخير وينهى عن المُنكر حتى يعيش البشر في سلامٍ من شر بعضهم بعضاً، ويشمل حتى تنظيم الأسرة وآداباً ويُعلمنا الأخلاق الكريمة؛ بل القرآن رحمة للعالمين. 

أيها السائل عنه تدبر فتجد له حقائق في الدنيا تجدها الآن وله حقائق نجدها في الآخرة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحقّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (53) إِنَّ ربّكم اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ ربّ العالمين (54) ادْعُواْ ربّكم تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(57)} صدق الله العظيم [الأعراف]

فتدبر في كلام الله ثم طبق كلامه على ما بين يديك وما خلفك من السماء والأرض، ومن ثم تقول: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} [آل عمران].

وأما تفكيرك الذي تفكر به فأفتيك بالحقّ أنه طائفٌ من الشيطان وليس من الرحمن ليدخلك في متاهات حتى لا تخرج بنتيجةٍ من التفكر والتدبر في كلام الله، وكلام الله يقول الصدق، ومن أصدق من الله حديثاً في كُل ما يقول بمنتهي الدقة عن القصص والأخبار والوقائع الماضية والحاضرة والمُستقبلية؛ أي الحقائق العظمى؟ وأما أعمال البشر فهناك ملكان مكلفان مع كل إنسانٍ يكتبان كُل صغيرةٍ وكبيرةٍ، ويخرج له يوم القيامة كتاب يلقاه منشوراً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:13].

ومن ثم يقولون: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:49].

ولا تحسبن الذين يُعقّدون فهم القرآن على الناس تعقيداً، لا تحسبنهم بمفازة من العذاب، إني لك لمن الناصحين! وبعض المؤمنين يهجر القرآن بحجة أنه يُكسِّر فيه، ويقول له الشيطان هذا كلام الله فلا يجوز لك أن تُكسر فيه، ولكني أفتي
[إنَّ الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له بكل حرف حسنة، فأما قراءته في الصلوات فبكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، وأما في النافلة والتدبر فبكل حرف سبعمائة حسنة].


ولولا أنَّ الله علم أَنَّ منكم مرضى وآخرين يضربون في الأرض يبحثون عن عيشهم وفي سبيل الله لأمركم بقراءته الليل والنهار لا يؤخركم عنه إلا المأكل أو قضاء الحاجة أو النوم. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ القرآن عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} صدق الله العظيم [المزمل].

وأنصحك بالتدبر في كلام الله للتفكر في حقائق آياته من بين يديك ومن خلفك في السماء وفي الأرض، وابدأ بالتفكر في نفسك فأنت من آيات ربك ومن حقائق كلام الله في القرآن. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(21)وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ(23)} [الذاريات].

وبهذا التفكير تخرج بنتيجة كبرى وهو الهدى إلى الحقّ، فيشرح الله به صدرك وينور الله به قلبك ويهديك الله به إلى صراطٍ مُستقيمٍ. 

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوك الإمام المهدي ناصر مُحمد اليماني. 
ـــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق