الأحد، 23 نوفمبر 2008

قال الله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} فمن أين جئتم لأولاد آدم بإناثٍ من غير ذُرية آدم ؟


- 8 -
الإمام ناصر محمد اليماني
24 - 11 - 1429 هـ
23 - 11 - 2008 مـ
11:14 مســاءُ
ــــــــــــــــ


أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ﴿3﴾كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ(4)} 
صدق الله العظيم [الحج]
ــــــــــــــــــــــ

وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين وبعد..
أيها الشاهدُ والمُستشار لكُل دعوى بُرهانٌ وسُلطان ٌبيِّنٌ، وبما أنكم تدّعون بأن التناسل للبشرية في العهد القديم كان في حرثٍ آخرَ وليس في أزواج منهم من أنفسهم، قُل هاتوا بُرهانكم إن كنتم صادقين؟ وذلك لأني لا أجد في القرآن ما تدّعون وإذا تعلمون بسلطانكم على دعواكم فأتوا به فلكُل دعوى بُرهان، ولا تُجادلوا في آياتٍ الله بغير سلطانٍ أتاكم، فإن فعلتم فقد خالفتم أمر الرحمن واتبعتم أمر الشيطان بقولكم على الله ما لا تعلمون، ذلك لأن الله قال بأن أزواجنا من ذات أنفسنا وليس من خلقٍ آخر إلا الذين غيّروا خلق الله فنكحوا إناث الشياطين من شياطين البشر فاستكثروا منهم خلقاً كثيراً من البشر، تصديقاً لقول الله تعالى : {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا ﴿117﴾ لَّعَنَهُ اللَّـهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴿118﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّـهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ﴿119﴾ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴿120﴾} صدق الله العظيم [النساء].

أولئك الذين غيّروا خلق الله من شياطين البشر من الذين يعبدون الطاغوت من دون الله وهم يعلمون ويُمنِّيهم ويعِدُهم وما يعِدُهم الشيطان إلا غروراً، وأمرهم أن يُغيّروا خلق الله فتغشّوا إناث الشياطين من الجنّ فاستكثروا منهم خلقاً كثيراً آباؤهم من شياطين البشر وأمهاتهم من إناث الشياطين فاستكثروا من ذُريات البشر خلقاً كثيراً ليكونوا من جيش الطاغوت كما أفتيناكم بأن أمهاتِهم من الجنّ وآباءهم من الإنس وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الجنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّ ربّك حَكِيمٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [الأنعام:128].

كما أفتيتكم بالأمس إني أرى جدالكم حقاً يُراد به باطل، وأقصد جدالكم إذ كيف تحلّ الأخت لأخيها فلا بُد من إناثٍ من غير ذُرية آدم، فهل تريدون تغيير خلق الله كما يفعل شياطين البشر الذين أطاعوا الطاغوت فغيّروا خلق الله فنكحوا إناثاً لم يخلُقهن الله من أنفسِهم وغيّروا خلق الله تنفيذاً لأمر الشيطان؟ ولو أنكم لم تفصحوا بذلك وكأنكم من شياطين البشر أو تتخبطكم مسوس الشياطين فيوحون إليكم أن تُجادلوا الحقّ بالباطل الذي ما أنزل الله به من سُلطان، وأما حُجتكم إذ كيف يُجامع الأخ أخته فهذا حقٌ يُراد به باطل وقد جاء التشريع الحقّ وحرم ذلك، وحدث ذلك قبل نزول التشريع وليس عليهم في ذلك شيء حتى يأتي التحريم وما كان الله ليُحاسبهم على ذلك ما لم يبعث إليهم رسولاً يُحل لهم ما أحله الله ويُحرم عليهم ما حرم الله وعفى الله عما سلف ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، وقال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} صدق الله العظيم [الإسراء:15].

ولم أجد الأزواج أتت إلينا من خلقٍ آخر فلا تفتروا على الله الكذب وقد أفتاكم الله في مُحكم كتابه إن أزواجكم من أنفسكم من البداية وليس من خلقٍ آخر وقال الله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [الروم:21].

فمن أين جئتم لأولاد آدم بإناثٍ من غير ذُرية آدم، ولم آخذ بالي (لحكمةٍ إلهيّةٍ) ما كنتم تريدون إثباته! وظننتُ أنكم تريدون المعنى الحقّ لكلمة (بث منهما رجالاً كثيراً ونساءً)، أي بثّ من ذُرية آدم وحواء رجالاً كثيراً ونساءً فجعل الله لنا أزواجاً من أنفسنا وليس من ذُريات الشياطين، ولربما تقولا: "ولكننا لم نقصُد إناث الجنّ"، أقول: نعم لم تُفصحوا بذلك إذاً لأُكتشف أمركم وما تريدون ولكن لربما ذلك بغير قصد منكم، ولذلك لا أريد أن أحكم عليكم بظلم بغير الحقّ، والمطلوب منكم أن تأتوا ببرهانٍ مُبينٍ كيف كان التناسل لذرية آدم الأولى، فلا أجد في الكتاب! وليس معنى ذلك أني لم أفتكم كيف كان التناسل بل أفتيتكم بالحقّ بأني لم أجد أزواجاً لنا من غير أنفسنا، وقال الله تعالى: {وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّـهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} صدق الله العظيم [النحل:72].

فاتقوا الله، تالله لقد أصبحتُ في شكٍ من أمركم غير إني لا أريد أن أظلمكم إن كنتم لا تريدون غير الحقّ ولذلك سوف أرجئ الحكم عليكم فهذا جدال قوم يُريدون لفت الانتباه إلى إناثٍ من خلقٍ آخر تمَّ التزاوج بينهم بادئ الرأي حتى لا ينكح أولاد آدم أخواتهم، وقد يراه الباحث شيئاً منطقياً فلا بُد من إناثٍ من خلقٍ آخر؛ فكيف يتزوج الأخ أخته؟ ومن ثم أردّ عليكم بالحقّ وأقول: "تالله لولا جاء الشرع وحرم ذلك لكان الأمر شيئاً طبيعياً أن ينكح الأخ أخته فينجب منها ذريته، ولكن نظراً لأن الشرع جاء من أول مرة بتحريم ذلك وعفى الله عما سلف ولم يصِفهم الله بأولاد زنى كما يقول أحدُ المُمترين ويتلفظ على الإمام المهدي بإثمٍ كبير.

ويا معشر الأنصار، لئن أقام هؤلاء على إمامكم الحجّة فإياكم أن تتبعوني مالم تجدوا إمامكم هو المُهيمن بالبيان الحقّ للقرآن العظيم، وأما موضوع هؤلاء فإن تدبرتم ردودهم فسوف تستنتجون ما يُريدون أن يقولوه فيتوصلوا إليه بوسوسة من الشيطان وليس بتفهيم من الرحمن، ومن ثم يقولون: "إذاً يا ناصر اليماني أنت لم تأتِ بالبرهان كيف تمّ التزاوج بين أبناء آدم، فإن قلت أنجبوا من أخواتهم أولادهم فأصبحوا عيال عم ومن ثم تزوجت البنت ولد عمها". ومن ثم نقول لك: وكيف يجوز أن ينكح الأخ أخته؟ ومن ثم أرد عليكم وأقول: بسبب أنهم لا يعلمون أن ذلك محرمٌ عليهم بسبب عدم وجود التشريع؛ بل وعدهم الله بالشريعة والمنهاج من بعد خروجهم إلى حيث أنتم"، وقال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:35].

ونحن نعلم بأن آدم ليس برسولٍ بل نبيٌ ولكن المنهج لا يأتي به الأنبياء؛ بل يأتي به الرُسل، وإنما يورث الأنبياء علم كُتب المرسلين وكُل رسولٍ نبيٍّ وليس كُل نبياً رسولاً، ولكن آدم يعلم منهج العبودية لربّه كما علمه الله ولكنه لم يبعثه بالتشريع؛ بل الرُسل جاءت من ذُرية آدم، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} صدق الله العظيم، ولن يُحاسب أولاد آدم الأولين بسبب نِكاحهُم لأخواتهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} صدق الله العظيم [الإسراء:15].

وذلك لأن لهم حُجة على ربّهم إن لم يبعث إليهم رسولاً ليُحرِّم عليهم ذلك، فإن ثبت إن الله ابتعث إليهم رسولاً ليُبين لهم التشريع في الزواج ومن ثم عصوا أمر ربّهم فهنا قامت على هابيل وقابيل الحجّة فيُعذبهم الله بسبب نكاحهم لأخواتهم، وأما إذا ثبت أنهم نكحوا أخواتهم من قبل مبعث الرسل إليهم فلا حُجة لله عليهم؛ بل الحجّة لهم على الله بسبب عدم بعث الرسول الذي ينهاهم عن ذلك وقال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}[الأنعام:48].

إذاً الرُسل هم حُجة الله على الناس وقبل مبعثهم فلا حُجة لله عليهم، تصديقاً لقول الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:165].

أفلا ترون بأن لأولاد آدم حجة على ربّهم لئن حاسبهم على نكاح أخواتهم بادئ الأمر نظراً لعدم وجود شرع يُحرم ذلك عليهم؟ ومن بعد التحريم فمن اتبع الحقّ فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} صدق الله العظيم.

وأراكم تُطالبون بسلطان الفتوى بالحقّ كيف تمَّ التناسل فأردُّ عليكم وأقول: أنكم تُجادلون بذات السُلطان المُحكم الواضح والبيِّن في هذا الشأن وهو قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربّكم الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} صدق الله العظيم [النساء:1].

فقد بيَّن الله لكم في هذه الآية المُحكمة بأن التناسل لم يتجاوز الذكر والأنثى من أولاد آدم إلا الذين غيروا خلق الله، كما تريدون إثبات تلك الشريعة الباطلة بتغيير خلق الله بأن لابُدّ من إناثٍ من غير ذُرية آدم حتى يتم التناسل بادئ الأمر بينهم، وهذا ما تبيَّن لي من ردودكم وهو ما تُريدون التوصل إليه، ولكني أكرر: لا أريد أن أفتي بأنكم من شياطين البشر حتى تُعرضوا عن ذكر الرحمن فتتبعوا ما لم يُنزل الله به من سُلطان بحجة أنه كيف ينكح الأخ أخته؟ وقد أفتيناكم بآياتٍ مُحكماتٍ بيِّنات أنهُ: لا حُجة لله على هابيل وقابيل بسبب نكاح أخواتهم نظراً لأنهم لم يأتوا بعد رسُل منهم بشرع ربّهم وأخبركم الله بذلك أنه لا حُجة له عليهم ولن يُحاسبهم على ذلك، تصديقاً لقول الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:165]. أفلا ترون أنه لا تثريب عليهم ولا حساب نظراً لعدم إقامة الحجّة لربهم عليهم بسبب أنه لم يأتِهم رسولٌ حرم عليهم ذلك فعصوا أمر ربهم؟ 

فليستمر الحوار بين المهديّ المنتظَر والمُستشار وشاهدهُ إن لم يكن هو، وظننت فيك الخير لأنه أعجبني قولك بادئ الرأي حتى تبين لي ما تُريد أن تُفتِ به وهو وجود حرث آخر ذرأ الله فيه ذُرية آدم الأولى، ولكني أعلم بأن هذا الحرث الذي تُريد البرهان له بتغيير خلق الله حرثٌ خبيثٌ لا يخرج نباته إلا نكدا، وإذا قيل له اتَّقِ الله أخذته العزة بالإثم بعدما تبين له الحقّ فلا يتخذه سبيلا أولئك ذُريات قومٍ يُعجبك قولهم في الحياة الدُنيا وهم من ألد الخصام لله ربّ العالمين، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴿204﴾ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿205﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّـهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴿206﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

ولن تُفلتا من الحقّ فإن كنتم من الذين يريدون الحقّ فاتبعوا الحقّ بعدما تبين لكم أنه الحقّ وقد فصلناه تفصيلاً ولربما يود المُستشار أو الشاهد أن يُقاطعني فيقول: "يا ناصر محمد اليماني، إنك تفتي بأن الذي لم يُصدقك فيتّبعك بأنه شيطاٌن مريدٌ"، ومن ثم أرد عليه وأقول: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين وبيني وبين الناس كتاب الله وسنة رسوله فمن غلبته بكتاب الله وسنة رسوله ثم لم يتبع الحقّ وهو يؤمن به وليس من الكافرين ثم لا يتخذه سبيلا ويجادل بالباطل ليدحض به الحقّ فقد تبين لي شأنه ولن أظلم أحداً بإذن الله، فالذين يُريدون الحقّ سوف يُبينهم الله لي بالحقّ، ولربما يُجادلونني بادئ الأمر جدلاً كبيراً حتى إذا حصحص لهم الحقّ اتقّوا الله، فإن كان المُستشار والشاهد حقاً من الباحثين عن الحقّ فسوف يتبعون الحقّ إن تبين لهم أنه الحقّ فسوف يتبعوه ولن تأخذهم العزة بالإثم بعدما تبين لهم الحقّ من ربّهم، وأما آخرون فلن يزيدهم البيان الحقّ إلا رجساً إلى رجسهم لأنه تبين لهم أنه الحقّ من ربّهم ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، اللهم إن كان المُستشار وشاهده يريدون الحقّ فاهدهم إليه وإن كان ناصر محمد اليماني على الباطل وهم على الحقّ فاجعل لهم الحجّة على ناصر محمد اليماني، اللهم إني عبدك وخليفتك بالحقّ أُجادل الناس بالقرآن العظيم حُجتك على مُحمد رسول الله إن لم يُبلغ برسالتك وحجتك وحُجة رسولك على قومه من بعد التبليغ فيكون عليهم شهيداً، وحُجة قومه وحُجتهم على الناس من بعد التبليغ فجعلتهم شُهداء بالحقّ، وإن لم يفعلوا فما بلّغوا رسالة ربّهم للناس إن اتخذوه مهجوراً، تصديقاً لقولك الحق: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} صدق الله العظيم، فإن لم يفعل مُحمد رسول الله ولم يبلغ به قومه فحسابه على ربِّه ولن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً، وإن بلغ به قومه فقد جعل الله الذكر حُجته عليهم وحُجة رسوله وجعل رسولهم عليهم شهيداً من بعد التبليغ لهم ليبلِّغوا برسالة ربّهم إلى الناس أجمعين، فإن لم يفعل قومه كان على الله حسابهم ولن يجدوا لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً، وإن فعلوا وبلَّغوا رسالة ربّهم إلى الناس فسوف يجعل الله الذكر حُجته على الناس وحجتهم على الناس ويجعل قومه شُهداء بالحقّ أنهم بلّغوا برسالة ربّهم ذكر العالمين لمن شاء منهم أن يستقيم، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} صدق الله العظيم [البقرة:143].

اللهم قد علّمتَ عبدُك البيان الحقّ وإني أشهد أنه لم يُعلمني سواك وبلّغتُهم بكثير من البيان الحقّ للقرآن ولا أزال أفصل لهم تفصيلاً من مُحكم كتابك، اللهم إن كُنت تعلم أن عبدُك يدعو إليك على بصيرةٍ الحقّ القرآن العظيم فاجعل لعبدك الحجّة على كافة عُلماء الأمّة، وإن كان ناصر مُحمد اليماني على ضلالٍ، فاجعل لهم الحجّة على ناصر مُحمد اليماني والحُكم لك إلهي وأنت خيرُ الحاكمين، ويا أيها المُستشار وشاهده إن لم تكونا واحداً إني أدعوكما إلى كتاب الله القرآن العظيم وسنة محمد -رسول الله صلَّى الله عليه وآله- وسلَّم التي لا تُخالف لمحكم كتابه في شيءٍ ومن استمسك بكتاب الله وسنة رسولهُ الحقّ فقد هُدي إلى صراطٍ مُستقيمٍ والحُكم لله وهو أسرع الحاسبين.

وأراكم تقولون بأنكم أعجزتم ناصر محمد اليماني، وها أنا ذا أُشهد الله وكفى بالله شهيداً بأنه إذا غلبني عالمٌ يُحاورني بالقرآن العظيم فمن اتبع ناصر محمد اليماني من بعد ذلك فإنه من الذين يستمسكون بأئمتهم ويجادلون عنهم بغير الحقّ حتى ولو تبين لهم أن إمامهم كان من الضالين حتى ولو كان منهم ناصر محمد اليماني إذاً أتاكم عالمٌ آخر بعلمٍ أهدى من علم ناصر محمد اليماني فقد تبين لكم بأني لست إمامَ حقٍ أهدي بالحقّ إلى صراطٍ مُستقيمٍ ما دمتم وجدتم أحداً غلبني بعلم وسلطان مُنير هو أهدى من علمي وأقوم قيلاً وأحسنُ تفسيراً، فقد أيدكم الله بعقول فاستخدموها ولا تتبعوا ما ليس لكم به علم كعلم المُستشار والشاهد الذين لم يأتوا حتى بدليلٍ واحدٍ فقط من مُحكم القرآن العظيم أن ذرية آدم الأولى تم إنجابهم من إناث خلق آخر، قُل هاتوا بُرهانكم إن كنتم صادقين.

وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين.
أخو المُسلمين؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــ


الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 11 - 1429 هـ
24 - 11 - 2008مـ
10:46 مســاءً
ـــــــــــــــــــ


{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }

أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ(4)}صدق الله العظيم [الحج].

وقال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام:121].

وقال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].

ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار تعالوا لأُعلمكم كيف تُميِّزون بين الداعي إلى الصراط المُستقيم بوحي التفهيم لاستنباط سُلطان العلم من محكم القرآن العظيم ليدحض به الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق فيُهيمن عليه بسُلطان العلم من كتاب الله القرآن العظيم بالحجّة الداحضة من مُحكم القرآن العظيم فتجدونه يُجادل بعلم وهُدىً من الكتاب المُنير على بصيرةٍ من ربه، فذلك لا يتبع خطوات الشيطان فيُجادل في آيات الله بغير علم ولا هُدىً ولا كتابٍ مُنيرٍ، وأنا الإمام المهدي آمنت بالله وحده لا شريك له وآمنتُ أنَّ مُحمداً عبدُه ورسولًه وآمنتُ بأني المهديّ المنتظَر عبده وخليفته الحقّ وأحكمُ بالحقّ ولا أقول على الله غير الحقّ من الكتاب، تصديقاً لقوله الحق: {وَبِالحقّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالحقّ نَزَلَ} صدق الله العظيم [الإسراء:105].

وعلمني رَبِّي أن أردَّ على المُستشار ومن والاه من الذين يجادلون في آيات الله بغير سُلطان أتاهم فأعلِّمهم برد الله عليهم وعلى أمثالهم، وقال لي ما قاله لجدي من قبل أن يقول لهم: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظنّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:148].

وأما بالنسبة لأخذ الذُرية من الظهور فقد أخذها الله من ظهر أبي الذُرية آدم عليه الصلاة والسلام بعد أن علَّمه بكافة أسماء الخُلفاء من ذُريته ومن ثم أخذ بقدرته تعالى كافة ذُرية آدم من ظهورهم والملائكة ينظرون، ولم يأخذ إلا ذات الأنفس الحية من التي سوف يذرأها في الأرحام في قدره المعلوم، ثم اصطفى من بينهم خُلفاء الله في الأرض وكان ذلك الحدث بُقدرة الله على مشهدٍ من كافة الملائكة فعرضهم على الملائكة وقال تعالى: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [البقرة:31].

وتجدون في هذا الكلام الذي يُخاطب الله به ملائكته بإقامة الحجّة عليهم و قولاً غليظاً ومُهيناً وهو قوله تعالى: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} وذلك بسبب اعتراضهم على ربّهم في شأن اصطفاء خليفته من البشر بقولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} [البقرة:30]. ولكن التحدي من الله بإقامة الحجّة على ملائكته كان خارج عن الخليفة الأول آدم الذي اتبع نصيحة الشيطان فأكل من الشجرة وعصى آدم ربِّه وغوى ولذلك تجدون التحدي خارج عن نطاق آدم خليفة الله الأول، بل التحدي كان في نطاق الذُرية ممن اصطفاهم الله وعرضهم على الملائكة وقال لهم: {أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم، وذلك بعد أن أخذ الذُرية البشرية من الظهور من الظهر الأصل أبا البشرية آدم عليه الصلاة والسلام وذلك يدخل في علم الروح بقدرة الله، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، فأنطقهم بقدرته ونطقوا بالحقّ بقدرة الله إلا واحدٌ من الخُلفاء لم يكُن موجوداً في ذُرية آدم؛ بل مثله كمثل آدم ويُريد الله أن يجعله بُرهاناً مُبيناً للممترين بغير الحقّ من الذين سوف يجادلون في الميثاق الأزلي فيقولون وكيف تنطق ذُرية لا تزال في الظهور فتنطق بكلمة التوحيد فتشهدُ لله بالوحدانية والعبودية له وحده لا شريك له وهي لم تعلم ولم تتعلم وما يُدريهم بذلك مالم يكبروا ويعقلوا ثم يبعث الله إليهم رسولا ليُعلمهم بذلك؛ بل إن هذا مُخالف للعقل؟ وحتى يخرس اللهُ بالحقّ ألسنةَ المُمترين الذين يُجادلون في آيات الله وقُدراته بغير علمٍ ولا هُدىً ولا كتاب مُنير، ولذلك أخرَّ اللهُ خلقَ أحدِ الخُلفاء فلم يخلقه في ذُرية آدم ولم يكن موجوداً بين الخُلفاء من الذين عرضهم على الملائكة، والحكمة من ذلك ليجعله الله البرهان للعهد الأزلي على الواقع الحقيقي أمام البشر وقالوا: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴿٢٨﴾فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾} [مريم].

ومن ثم جاء بُرهان المعجزة من ربّ العالمين الذي أنطق الإنسان المنوي بالعهد الأزلي فأنطقه بالحقّ كما أنطقُ من كان في المهد صبياً برغم أن ذلك يستحيل في نظر العقل البشري أن ينطق طفل حديث الولادة بالكلام وشهادة الحقّ ولذلك قالوا: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}؟ فأراهم الله بُرهان قُدرته كما أرى الملائكة من قبل يوم أنطق الذُرية بكلمة التوحيد وكذلك أنطق الذي كان غائباً وهو في المهد صبياً، وقال الله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شيئاً فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا(33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحقّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ما كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (34)} صدق الله العظيم [مريم].

والآن تبين لك الحقّ أيها المُستشار إن كنت تُريد الحقّ أنَّ الذي أنطق ذُرية آدم فشهدوا بالحقّ إنما كان بقُدرة الله كُن فيكون.

وأنا لم أفتِ في شأنك بعد بأنك من شياطين البشر، والآن أصدر فيك هذه الفتوى الحقّ بأنه يوجد فيك مسُّ الغفلة شيطان رجيم فيصدك عن الحقّ إلى غير الحقّ وتحسبُ أنك على الحقّ ولن يتبين لك ذلك أنه من كان يصدك عن الحقّ ويأمرك أن تقول على الله مالم تعلم إلا يوم لقاء ربّك فيقول رَبِّي ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد، ثم يتبين لك قرينك الشيطان فينطق ضدك بمنطق لسانك لأنه يسكن فيك، ومن ثم تكرهه كرهاً شديداً وهو في جسدك لا يُفارقك وأنتم في العذاب مُشتركون في جسدٍ واحدٍ ولا يُفارقك وأنت تكرهه كُرهاً شديداً وتتمنى لو أن بينك وبينه بُعد المشرقين فبئس القرين، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38)} صدق الله العظيم [الزخرف].

وأقسم بربّ العالمين أني لم أظلمك شيئاً، وأعلم إنَّ هذا الشيطان الذي يسكُنك هو من يوحي إليك بهذا الجدل العقيم وأنت لا تعلم أنه من يوسوس لك بذلك ولكني علمت بهدفه وما يُريد التوصل إليه وهو اقناع الآخرين بأنه توجد حروث لذُريات البشر من غير ذُرية آدم بحُجة أن هابيل وقابيل كيف يتزوجون من أخواتهم! وقد علمني رَبِّي ما يُريده شيطانك بالضبط. والله على ما أقول شهيدٌ ووكيلٌ. وذلك تمهيدٌ من مكر الشياطين لاقناع البشر بيأجوج ومأجوج إنما هم إخوتهم، ولكني أعلم أنهم إخوان الشياطين وأولياؤهم نبتوا في حروث خبيثةٍ لا يخرج نباتها إلا نكِداً ويعبدون الطاغوت من دون الله ويريدون أن يُضِلّوا الناس أجمعين عن الصراط المُستقيم بغض النظر هل تعلم بذلك أنه من أمر الشيطان لك أن تُجادلني بغير علم وتقول على الله مالم تعلم، والمهم أني علمت أنه من إلهام الشيطان وليس من الرحمان لأنه يفتقد لسلطان العلم من الكتاب.

ويا أيها المُستشار إني أنصحك نصيحة لوجه الله الكريم أن لا تأخذك العزة بالإثم، وأقُسم بالله العظيم ومنه التثبيت لو كنت مكانك لما استمريت في اتباع الباطل بعدما تبين لي الحقّ لأنه من يُنقذني من بأس الله الشديد وعذابه الخالد فانظر إلى مصيبة ومصير الشيطان إبليس بسبب التكبر غضب الله عليه ولعنه إلى يوم الدين، ولو أنه قال رب اغفر لي لأجابه الله ووجد الله غفوراً رحيماً، ولكنه قال رب أخِّرني فكذلك أجابه الله ولعنه وأعد له ولمن اتبعه عذاب جهنم موعد جنود إبليس أجمعين، وأنت تنصحني أن أتبعك؟ وأقسم بالله العلي العظيم ومنه التثبيت لو كنت أعلم بأن الحقّ معك لكُنت من أول التابعين وأنصرك بكُل ما أوتيت من قوة وأفتديك بنفسي فلا أعصي لك أمراً طاعةً وخضوعاً وسجوداً لله الذي أمر بطاعة الذين يؤتيهم علم الكتاب وذلك لو وجدت بأن الله جعلك المُهيمن على ناصر محمد اليماني ولأن الحقّ مع ناصر مُحمد اليماني جعله الله مُهيمناً عليك وعلى كافة عُلماء الأمّة، ولا أزال أفتي الأنصار في شأن المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم وأقول لهم: إن الله يؤتي المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم علم الكتاب فيجعله الله المهيمن على كافة عُلماء الأمّة فلا يُجادله عالم من القرآن إلا غلبه بالحقّ حتى يُسلم للحقّ تسليماً أو تأخذه العزة بالإثم وحسبه جهنم وساءت مصيراً. وأرجوا من الله أن لا يزيدك البيان الحقّ رجساً إلى رجسك فتأخذك العزة بالإثم بعدما تبين لك أنه الحقّ من ربك، فاتّقِ الله واتبعني أهدِك إلى صراط العزيز الحميد إن رَبِّي على صراطٍ مُستقيمٍ ولا تتبع من لا يغني عنك من الله شيئاً إني لك ناصحٌ أمين، وحتى تتأكد من فتواي في شأنك بالحقّ أن تذهب إلى شيخ يتلو آيات القرآن لشفاء المرضى وإحراق الشياطين بنور القرآن لكي يتلو عليك قدر ساعة كاملة وسوف يتبين لك أني لم أظلمك شيئاً والله على ما أقول شهيدٌ ووكيلٌ.

يا أيها الناس، اتقوا الله حق تُقاته وصدِّقوا بالحقّ إن كنتم تريدون الحقّ فما بعد الحقّ إلا الضلال وأُقسم ُ لكم بمن خلقكم وأخذ منك ميثاقاً غليظاً إني أنا المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم وإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تزكوني بالتصديق بغير علم ولا هُدىً ولا كتاب مُقنع بالحقّ نظراً لأني أقسمت لكم أني المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّكم ومن أجل القسم صدقتم ناصر محمد اليماني إذا فأنتم جاهلون، تصديقاً لقول الله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} صدق الله العظيم [النجم:23].

فليس هذا أمر يُصدق بالقسم ولا بالاسم بل بالعلم، فلا تتبعوا ما ليس لكم به علم من ربّكم إن كنتم تعقلون، وعن سمعكم وأبصاركم وأفئدتكم سوف تُسألون.

وإني أرى من يُسمي نفسه الشاهد يُناديني بالكذاب! وأرد عليه وأفتيه بأنه لم يكُذب حديثي بل كذب بكلام الله ربّ العالمين ويصدف عن آياته بغير الحقّ، تصديقاً لقول الله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:33].

اللهم إني عبدك أعبد رضوان نفسك حتى تكون أنت راضٍ في نفسك رغبة مني بحُبك وقربك وليس طمعاً في العطاء من مُلكك، بل ذلك وسيلة لتحقيق الغاية أن تغفر للذين لا يعلمون فتريهم الحقّ حقاً وترزقهم اتباعه من الناس أجمعين إلا الذين لو تبين لهم بأني الإمام المهدي الحقّ من ربّهم الذي يُعلِّم الناس بالبيان الحقّ للقرآن حتى يتبين لهم أنه الحقّ ثم يكونون للحقّ لمن الكارهين ويريدون أن يطفِئوا نورَ الله بأفواههم، اللهم إني لا أدعوك أن تغفر لهم شيئاً فإن شئت عذبتهم وإن شئت هديتهم وإنما أريدُ أن تهدِ بعبدك ما دونهم من الناس أجمعين ومن كافة الأمم أمثالهم من البعوضة فما فوقها تصديقاً لوعدك الحقّ في الكتاب: {إنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحقّ مِن ربّهم وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(27)} صدق الله العظيم [البقرة].

وفي هذا الموضع تجدون شأن الإمام المهدي الحقّ من ربّكم الذي يهدي الله به الناس أجمعين ما دون الشياطين الذين لو تبين لهم أنه البيان الحقّ من ربّهم لما زادهم إلا رجساً إلى رجسهم ولجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقّ وهم يعلمون أني الإمام المهدي الحقّ من ربّهم، وحسبي الله عليهم أجمعين وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين.

وأراك تقول أيها الشاهد أو المُستشار بأني أُطالبكم بُسلطان بيّن وأنتم من تطالبوني بسلطان فكيف يكون العكس وكأني أفتيت بأنهُ يوجد حرث آخر ذرأ الله فيه ذُرية أولاد آدم حتى تطالبوني بسلطان العلم! وأعوذ بالله أن أفتري على الله بغير الحقّ؛ بل أنتم من أفتى بذلك بحجة أنهُ لا يجوز لأولاد آدم أن يتزوجوا بأخواتهم وتريدون أن تقنعوا الناس أنه يوجد حرثٌ آخر ذرأ الله فيه ذُرية أولاد آدم ولذلك طالبتكم بالفتوى الحقّ من ربّكم من مُحكم الكتاب، مالم فأنتم تقولون على الله ما لا تعلمون فاتبعتم أمر الشيطان وعصيتم أمر الرحمن، وأما ناصر محمد اليماني فقد أقام عليكم الحجّة والبُرهان بالحقّ أن حرثَكم منكم منذ أن خلق الله أبوكم آدم، تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربّكم الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} صدق الله العظيم [النساء:1].

وهذه من الآيات المُحكمات أنه لم يأتِ بأزواجٍ من غير ذرية آدم منذ الأزل القديم وجاء الشرع وحرم الزواج بالمحارم ومن اتقى وأصلح فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وأنا لم أجد في الكتاب أن أزواج البشر منذ الأزل الأول في الحياة خلقهن الله من غير أنفسنا، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [الروم:21].

وأما زواج المُحارم فأنا أحرِّمه كما حرمه الله ورُسله منذ أول تشريع أتى من ربّ العالمين ولم يحدث ما تفندون فيه إلا بين الذُرية الأولى لآدم، ثم جاء الشرع وحرم ذلك ولا يزال مُحرماً إلى يوم الدين، فإن كنتم تعلمون بأن الله خلق حرثاً آخر يذرأ فيه ذُرية هابيل وقابيل فأقول لكم ما قاله الله لأمثالكم: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظنّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:148].

وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق