الثلاثاء، 22 مارس 2011

ما حكم الإسلام في المظاهرات إذا كانت لرفع الظلم و المطالبة بالحقوق ؟


الإمام ناصر محمد اليماني
16 - 04 - 1432 هـ
22 - 03 - 2011 مـ
12:38 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ


أخي الكريم السائل عن مظاهرات البحرين ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله الطيبين وجميع المسلمين التابعين للحقّ إلى يوم الدين..

أخي الكريم السائل عن مظاهرات البحرين، فإن كانت مظاهراتٍ سلميّةٍ فلا يجوز للحاكم قمعها شرعاً فلهم الحقّ في إعلان مطالبهم المشروعة، ولكن المُشكلة أنّ المُظاهرات يستغلها قومٌ آخرون فيحوّلونها إلى مظاهراتٍ تخريبيّة وفسادٍ في الأرض للنهب والسلب، ولذلك وجب على أمن الحكومات أن يرافقوا المتظاهرين لحفظ الأمن فقط وليس لقمعهم بغير الحقّ، لكون قمع أصحاب المظاهرات السلميّة محرمٌ وظُلمٌ وكتمانٌ لحرية القول لكلمة الحقّ لإعلان مطالبهم الشرعيّة.

ونحنُ مع المظاهرات السِّلمية وضدّ مظاهرات الشغب وسفك دماء المُسلمين لا من الحاكم ولا من المحكوم، فاتقوا الله واعلموا عظيمَ جُرم سفك دمِ مسلمٍ بغير الحقّ، وأهون عند الله أن تزول الدنيا بملكوتها ولا قتل مسلمٍ بغير الحقّ.

وسبقت فتوانا للذين يقتلون المُسلمين بأنّها السيئة الوحيدة التي ليست بمثلها ولا بعشر أمثالها ولا بمليون مثلها ولا بمليار مثلها، بل سيئة قتل نفسٍ بغير الحقّ في محكم كتاب الله القرآن العظيم: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} صدق الله العظيم [المائدة:32]. فهذا يعني أنّ قتل نفس بغير الحقّ فهي بتعداد ذرية آدم عليه الصلاة والسلام من أوّل مولود إلى آخر مولود عند قيام الساعة، أفلا ترون يا معشر المُسلمين جريمة قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحقّ! فما أرخص سفك الدم عند الظالم لنفسه.

فاتقوا الله وتراحموا فيما بينكم يرحمكم الله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكون الله هو الأحقّ بالرضى، فلا تنفذوا أمراً لا يحبه الله ولا يرضى به إني لكم ناصح أمين. وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [التوبة:62].

وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين..
أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــ

الأربعاء، 16 مارس 2011

الفرق بين الشورى والديمقراطيّة


- 4 -
الإمام ناصر محمد اليماني
10 - 04 - 1432 هـ
16 - 03 - 2011 مـ
05:39 صباحاً
ــــــــــــــــــ


الفرق بين الشورى والديمقراطيّة..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الأطهار وجميع أنصار الله الواحد القهار في الأولين وفي الآخرين إلى يوم الدين..

سلام ُالله عليكم ورحمته وبركاته، بالنسبة لأمر الشورى في الكتاب فهي أمر من الله إلى ولي أمر الدولة أنه لا يقطع أمراً في المصلحة العامة حتى يلقيه على مجلس الشورى لسماع آرائهم جميعاً، ولكن ليس لمجلس الشورى من الأمر شيئا، إذاً لصار هناك اختلاف لا شك ولا ريب إذا لم يكن العزم على اتخاذ القرار بيد رجلٍ واحدٍ. ولذلك قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين} صدق الله العظيم [آل عمران:159]، والبيان الحقّ لقول الله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين}؛ أي فإذا اتخذت القرار وهو بالأخذ بالرأي المناسب فتوكل على الله.

وليست الديمقراطيّة هي الشورى، والديمقراطيّة هذه التي نراها لدى الناس اليوم هي الاختلاف بعينه؛ بل الشورى هي التشاور في الأمر شرط أن يكون القرار بيد شخص واحد وهو الأمير عليهم، وإنما لمجلس الشورى حقّ الشورى وليس لهم الحقّ في اتخاذ القرار بل لهم حقّ الشورى، ومن ثم يأتي دور الأمير في اتخاذ القرار الذي يقنع عقله وقلبه كما يريه الله إذا كان من الصالحين لا يريد إلا الإصلاح للبلاد والعباد ما استطاع. وليست الشورى هي الديمقراطيّة؛ بل القرار لا ينبغي أن يكون إلا بيد واحدٍ وهو الأمير عليهم حتى لا يصير هناك اختلاف فلا بدّ أن يكون اتخاذ القرار ليس إلا بيد واحدٍ وهو الأمير من الأدنى إلى الأعلى. ومعنى قولي من الأدنى إلى الأعلى أي من اثنين إلى ألف إلى مليون شخص إلى ترليون شخص فلا بدّ أن يكون اتخاذ القرار بيد شخصٍ واحدٍ فيهم لا يشاركه في اتخاذ القرار أحدٌ من رعيته حتى لا يحدث الاختلاف. وإنما لمجلس الشورى حقّ الشورى ونهى الله الأمير بعدم اتخاذ القرار في الشؤون العامة للدولة إلا من بعد تنفيذ الشورى، ومن ثمّ يعود القرار للأمير وليست شرطاً أن يأخذ بالأكثريّة فيعتمد الاقتراح حسب الأكثريّة.

فليست الشورى ديموقراطية وحتى ولو اجتمع مجلس الشورى على رأيٍ واحدٍ فالأمير ليس مجبر على الأخذ به إلا أن يراه مناسباً، أفلا تعلم يا أبا بكر أنّه حتى الله الواحد القهار لو كان معه أحد يشاركه في اتخاذ القرار لفسدت السماوات والأرض واختلفوا وذهب كل إله بما خلق. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} صدق الله العظيم [المؤمنون:91].

كونهم سوف يختلفون لو كان الله يشرك في حكمه أحداً، ولذلك قال الله تعالى: {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:26].

كونه لو كان يشاركه في الحكم والقرار أحدٌ في الكون لاختلفوا، وهذا ضُرب مثلٍ ولهُ المثل الأعلى سبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً؛ بل يا أخي الكريم حتى لو كانوا اثنين أو ثلاثة سافروا مع بعض فإذا كانت ديمقراطيّة وكلٌّ يأخذ برأيه الشخصي إذاً لاختلفوا وذهب كلٌّ منهم في طريق، ولضمان عدم الاختلاف فلا بدّ أن يكون أحدهم هو الأمير والآخرين لهم حقّ الشورى فقط وليس لهم من الأمر شيء في اتخاذ القرار حتى لا يحدث الاختلاف بينهم فيتفرقوا، ولذلك قال محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [إِذا كانُوا ثَلاَثَةً فِي سَفَرٍ فَليُؤَمِّرُوا عَلَيهِم أَحَدَهُم]صدق عليه الصلاة والسلام.

وأعلمُ ما يسأل عنه أبو بكر بالضبط وهو: "هل اتخاذ القرار يكون حسب الأكثريّة ولا يحقّ للحاكم أن يأخذ باقتراح الأقليّة". ومن ثمّ نردّ عليه بالحقّ ونقول: كلا يا أبا بكر! فليس اتخاذ القرار حسب الأكثريّة فقد يكونوا خاطئين في رأيهم والرأي الأصوب مع الأقليّة؛ بل يعود القرار إلى تحكيم العقل لدى الحاكم فيستمع إلى أراءهم ومقترحاتهم ومن ثم يأخذ بالاقتراح الذي يستصوبه عقله وليس شرطاً أن يكون حسب الأكثريّة بل حسب العقل والمنطق فقد يكون الأكثريّة خاطئين حتى لو كانوا 99% غير واحدٍ له اقتراح يخالفهم كون لديه علمٌ وتجربةٌ فقد يكون هو صاحب الاقتراح الأصوب، فهذا يعود إلى استخدام العقل لدى الحاكم فهل الذي خالفهم يرى ما لا يرون لربما أنه لديه علمٌ وخبرةٌ وتجربةٌ في الحياة أكثر من تلك المجموعة، وإذا كان اقتراحه هو السليم فسوف يطمئن إليه عقل الحاكم كون اقتراحه منطقي. وأضرب لك على ذلك مثلاً الثلاثة إخوة الذين ترك لهم أبوهم جنةً من أعناب وكان أبوهم يؤتي حقّ الله فيها في حياته وبعد مماته ورِثَ الجنة أولاده الثلاثة حتى إذا جاء حصاد جنة العنب فاجتمعوا للشورى كونهم يريدون أن يقطفوا ثمرها فقال كبيرهم: "لقد كان أبونا يؤتي المساكين في كل مرةٍ من أعناب جنّتنا وأرى أنه يكفي لهم عطاء من جنتنا فنحنُ أولى بجنتنا فلا نعطيهم منها شيئاً، فماذا ترون؟". فقال أصغرهم لأخيه الكبير: "وأنا معك في هذا الاقتراح السديد فسوف نغدوا لقطف ثمارها مصبحين في وقتٍ مبكرٍ من قبل أن يحضر المساكين"، ولكن أوسطهم في السن وهو الذي يلي الأخ الأكبر قال: "ولكن رؤيتي مخالفة لرؤيتكم تماماً، فإني أرى أن نفعل كما كان يفعل أبونا ونعطي المساكين كما عودهّم أبانا في كلّ مرةٍ أنه يؤتيهم حقّهم من جنة الأعناب كون حقّ المساكين في جنتنا هو حقّ الله وسوف يبارك الله لنا فيها". ولكنّ أخاه الأكبر والأصغر لم يستصوبوا رأي أوسطهم برغم أنّ عقولهم مقتنعة أنّ رأي أوسطهم هو الرأي السديد ويرضي الله ورسوله ولكن الطمع والجشع وشحّ أنفسهم منعهم من قبول رأي أخيهم وقالوا: "فنحن اثنان وأنت واحدٌ فاتبع الأغلبية ولا تنفرد برأيك". ومن ثم طبّق المثل الشيطاني ((بين إخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب)) فاتّبع إخوته برغم عدم قناعته بقرارهم؛ فماذا حدث يا أبا بكر؟ ونترك الرد من الله في محكم القرآن العظيم: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّ‌بِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿١٩﴾ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِ‌يمِ ﴿٢٠﴾ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴿٢١﴾ أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْ‌ثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِ‌مِينَ ﴿٢٢﴾ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴿٢٣﴾ أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ ﴿٢٤﴾ وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْ‌دٍ قَادِرِ‌ينَ ﴿٢٥﴾ فَلَمَّا رَ‌أَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴿٢٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُ‌ومُونَ ﴿٢٧﴾ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴿٢٨﴾ قَالُوا سُبْحَانَ رَ‌بِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٢٩﴾ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴿٣٠﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [القلم] .

فهل يا أبا بكر لو قلنا ديمقراطيّة فنتخذ القرار حسب الأكثريّة فهل يا ترى الاقتراح الأصوب هو مع الأكثريّة الذي اجتمع عليه الاثنان، أم أن الاقتراح الأصوب هو الذي اقترحه أوسطهم؟ ومعلوم جوابك أنّ الاقتراح الأصوب والحقّ هو الذي اقترحه أوسطهم. ولذلك قال لهم: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴿٢٨﴾ قَالُوا سُبْحَانَ رَ‌بِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٢٩﴾ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴿٣٠﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴿٣١﴾} صدق الله العظيم [القلم] .

فمن هم الذين أقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون؟ ألا وإنهم الاثنان الأكثريّة أصحاب القرار الأعوج، والحقّ هو الاقتراح الذي تفرّد به أوسطهم لو أصرّ عليه ما دام مقتنعاً أنه الحقّ والرأي السديد فيحاول اقناع إخوته بالعقل والمنطق وإن أبَوا فيقول: "إذاً فلنتقاسمها الثلاثة أثلاث، فلك يا فلان الجزء الشرقي ولك يا فلان الجزء الغربي ولي أوسطها كوني سوف أعطي حقّ الله في نصيبي"؛ إذاً لطاف الطائف من ربك على الجزء الشرقي والغربي ويبقى أوسطها. إذاً يا أبا بكر فلا بدّ من تحكيم العقل والمنطق في كل الأمور وليس حسب الأكثريّة، ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:116] .

[ ولا يزال لدينا العلم الكثير عن كيف سيكون حكم الشورى الإسلاميّ بالحقّ الخالي تماماً من العيوب، ولكن كلّ شيء في حينه لا يسبق أوانه فلا نريد الآن أن نقوم بتنزيل قوانين دولة الإمام المهديّ العالميّة كوني لن أقطع أمراً حتى يشهده مجلس الوزراء للإمام المهديّ حتى لا أخالف أمر الله إلى عبده بالشورى التي أمرنا الله بها فهي قبل اتخاذ القرار. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين} صدق الله العظيم [آل عمران:159] .
وليس من المنطق أن نقوم الآن بالتشاور في أمر دولة الإمام المهديّ من قبل التمكين والفتح المبين بل بعد الظهور والتمكين سوف يتمّ التشاور في أمور حكم الخلافة الإسلاميّة العالميّة على الأسس الحقّ الخالية من العيوب].

وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
خليفة الله وعبده؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــ

الاثنين، 14 مارس 2011

أفلا تعلمون أنّ الطبيعة بما فيها من بحارٍ وجبالٍ والسماوات تغضب من غضب الربّ؟


الإمام ناصر محمد اليماني
08 - 04 - 1432 هـ
14 - 03 - 2011 مـ
ــــــــــــــــــــ


أفلا تعلمون أنّ الطبيعة بما فيها من بحارٍ وجبالٍ والسماوات تغضب من غضب الربّ؟..

( من المهديّ المنتظَر إلى معشر الجنّ من مارجٍ من نار ومعشر البشر من صلصال كالفخار، الفرار الفرار إلى الله الواحدُ القهّار )


بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله الأطهار وجميع أنصار الله الواحدُ القهّار في الأوّلين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدّين..

من المهديّ المنتظَر الإمام ناصر محمد اليماني إلى كافة البشر الذين خلقهم الله من صلصالٍ كالفخار وكافة الجنّ الذي خلقهم الله من مارجٍ من نارٍ المُسلم منهم والكافر، اتقوا الله الواحدُ القهّار واتّبعوا الذكر إليكم من ربّكم القرآن العظيم الذي ابتعث الله به خاتم الأنبياء والمُرسلين محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- رحمة للعالمين، وقد استمع إليه نفرٌ من الجنّ: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴿١﴾ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴿٢﴾ وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴿٣﴾ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّـهِ شَطَطًا ﴿٤﴾ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ﴿٥﴾ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴿٦﴾ وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّـهُ أَحَدًا ﴿٧﴾ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ﴿٨﴾ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ﴿٩﴾ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴿١٠﴾ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ﴿١١﴾ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّـهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا ﴿١٢﴾ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴿١٣﴾وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَـٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ﴿١٤﴾ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴿١٥﴾} صدق الله العظيم [الجن].

فقد أمهلكم الله كثيراً بل أكثر من قوم نبيّ الله نوحٍ الذين أمهلهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً، وأنتم أكثر من ألف وأربعمائة سنة وأكثركم لا يزالون معرضين عن اتّباع ذكر الله إلى العالمين لمن شاء منهم أن يستقيم، فاتّبعوا الحقّ من ربّكم ولا تظنّوا أنّ الله بغافلٍ عمَّا تعلمون، فتذكروا ما تنزَّل إليكم من ربّكم من قصص الأوّلين في القرآن العظيم واعتبروا لعلكم تعقلون. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثمّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثمّ أنّكم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثمّ أنّكم يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأرض وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأوّلين (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ ربّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أنّهم مُّغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُل ربّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثمّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ أنّكم إِذاً لَّخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أنّكم إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أنّكم مُّخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ ربّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بالحقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثمّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)ثمّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ (44) ثمّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابن مريم وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أيّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا ربّكم فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ إنّما نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56) إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ ربّهم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ ربّهم يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُم بِربّهم لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أنّهم إِلَى ربّهم رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بالحقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ أنّكم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الأوّلين (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بالحقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) وَلَوِ اتَّبَعَ الحقّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأرض وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ ربّك خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِربّهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77) وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأرض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنّهار أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأوّلين (83) قُل لِّمَنِ الْأرض وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)قُلْ مَن ربّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وربّ العرش الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُم بالحقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) قُل ربّ إمّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) ربّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُل ربّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ ربّ أَن يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ ربّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ (101) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّار وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا ربّنا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) ربّنا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ ربّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَأرحمنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أنّهم هُمُ الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأرض عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَّوْ أنّكم كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ إنّما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الحقّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ربّ العرش الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ ربّه إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُل ربّ اغْفِرْ وَأرحم وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}صدق الله العظيم [المؤمنون].

فتذكروا قول الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ إنّما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الحقّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ربّ العرش الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ ربّه إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُل ربّ اغْفِرْ وَأرحم وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(118)} صدق الله العظيم، فلم يخلقكم الله الواحدُ القهّار عبثاً يا معشر البشر، فاتّبعوا الذِّكر فكم يصيبكم الله بالعذاب الأدنى في كل مرّةٍ لعلكم تتقون الله فتؤمنون به أنه الظاهر والقاهر فوق عباده إن يشأ يهلكّم وما ذلك على الله بعزيز، ولكن للأسف فكلما أذاقكم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلكم تتذكرون فتتبعون القرآن العظيم الحقّ من ربّكم ولكن للأسف فكلما أذاقكم الله من عذابه الأدنى يقول الملحدون منكم إن هي إلا كوارث طبيعيّة! قاتلهم الله أنّى يؤفكون، فهل يحسبون السماوات والأرض من غير خالقٍ ولا راعٍ متحكمٍ فيهما كيفما يشاء ومسيطر على السماوات والأرض؟ أم خُلقوا من غير شيء خلقهم؟ وهم يعلمون أن لكل فعل فاعل. وقال الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأرض بَل لَّا يُوقِنُونَ(36)} صدق الله العظيم [الطور].

{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَ‌بِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُ‌ونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [الطور].

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّار} صدق الله العظيم [ص:27]

ويا معشر البشر اتقوا الله الواحد القهّار واتّبعوا ذكر الله إليكم من ربّكم القرآن العظيم واتّبعوا أحسنة واكفروا بما خالف لمحكمه وإني المهديّ المنتظَر أنذركم بمحكم الذكر لعلكم تتذكرون، أفلا تعلمون أنّ البحر المسجور إلى اليابسة هو من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلكم ترجعون إلى الحقّ من ربّكم؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ ربّك لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ(8)} صدق الله العظيم [الطور].

وأقسم الله للبشر بالبحر المسجور في كل مرّةٍ فيهلك ما يشاء الله منكم ليعتبر الآخرون، ولكن للأسف اني أجدُ الكافرين والمُسلمين الذين لا يعقلون يقولون إنّما هي كوراث طبيعيّة ثمّ يلجّوا في طغيانهم يعمهون ولم يعتبروا ولم يرجعوا إلى اتّباع الحقّ من ربّهم، أفلا يعلمون أنّ ذلك من العذاب الأدنى قبل أنْ يفتح عليهم باباً ذا عذابٍ شديدٍ بالعذاب الأكبر؟ وبرغم أنّ الله يصيبهم بالعذاب الأدنى ثمّ يرحمهم الله فيكشف الله ما بهم لعلهم يتبعون الحقّ من ربّهم فقال الذين لا يعلمون إنّما هي كوارث طبيعية ثمّ يلجّوا في طغيانهم يعمهون، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَوْ رَ‌حِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ‌ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٥﴾ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَ‌بِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّ‌عُونَ ﴿٧٦﴾ حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [المؤمنون].

فاتقوا الله يا معشر البشر، فإني المهديّ المنتظَر أنذركم من عذاب الله الواحد القهّار من جرّاء مرور ما تسمونه بالكوكب العاشر، وأقسمُ لكم بالله الواحد القهّار أنّ ما يسمونه بالكوكب العاشر هو حقّ كما حقيقة القرآن العظيم، ألا والله الذي لا إله غيره ما أيقنت بالخبر للكوكب العاشر من أخبار البشر بل تلقيت خبره من الله الواحد القهّار؛ ذلكم كوكب سقر اللوّاحة للبشر من حينٍ إلى آخر؛ ذلكم كوكب العذاب وإنه آتٍ لا شكّ ولا ريب، فمن يجركم من عذاب الله يا معشر المُعرضين عن اتّباع الذِّكر من المُسلمين والكفار بالذكر؟ يا من يجعلون العذاب الأدنى تحت مُسمى الكوارث الطبيعيّة فإنّكم ملحدون بالله سبحانه وتعالى علواً كبيراً، وما خلقتْكم الطبيعةُ حتى تهلككم وقتما تشاء وكيفما تشاء، سبحان الله العظيم! بل بأمرٍ من الله الواحد القهّار يوحي لهما ربّ الأرض والسماوات: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأرض اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} صدق الله العظيم [فصلت:11].

أفلا تعلمون أنّ الطبيعة بما فيها من بحارٍ وجبالٍ والسماوات تغضب من غضب الربّ وتستأذن الله كلَّ يومٍ أن تنقض على الكفار بالله الواحد القهّار من عبيده فتهلكهم فلا يأذن الله لهم إلا حين يشاء؟ وقال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ( 88 )لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ( 89 ) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ( 91 ) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ( 92 ) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرض إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ( 93 ) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( 94 ) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا(95)} صدق الله العظيم [مريم].

فاتقوا الله الواحدُ القهّار يا معشر البشر، وتالله إنّ ما تسمونه بالكوارث الطبيعيّة إنّما ذلك هو العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلكم ترجعون إلى الله فتتبعون أحسن ما أنزل إليكم من ربّكم في محكم القرآن العظيم رسالة الله إليكم جميعاً وأنتم عنه معرضون، وها هو لا يزال يناوشكم كوكبُ العذاب من مكانٍ بعيدٍ فاتقوا الله قبل أن يأخذكم من مكانٍ قريبٍ، فاتقوا الله يا أولي الأبصار قبل أن يسبق الليل النّهار. وقال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ أنّهم كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ(54)} صدق الله العظيم [سبأ].

وذلك هو سبب ما تسمونه بالكوارث الطبيعيّة وليس السبب كما تزعمون أنه "الاحتباس الحراري" بسبب عوادم سيارتكم ومصانعكم ونيرانكم؛ بل بسبب تأثير الكوكب على أرضكم من مكانٍ بعيدٍ، فما بالكم ليلة مروره على أرضكم فيأخذكم الله به من مكان قريب، أفلا تتقون! وها أنتم تعلمون أن أمّكم الأرض تعاني من الحمّى ولكن الحمّى التي أصابتها ليست بسبب دخانكم ثكلتكم أمهاتكم؛ بل تُعاني أرضكم من الحمّى بسببٍ علميٍّ فيزيائيٍّ من كوكب العذاب الذي يقترب من أرضكم وليست هذه المرة الأولى التي يقترب فيها من أرضكم بل اقترب كوكب العذاب عديد المرات في أممٍ قبلكم في كل دروة له كونيّة بقدرٍ مقدورٍ في الكتاب المسطور، غير أنّ هذا المرة تعتبر أقرب المرورات جميعاً وبسبب ذلك سوف يجبر أرضكم على التراجع فيسبق الليل النّهار بسبب مرور ما تسمونه بالكوكب العاشر ولعنة الله على الكاذبين، وبقي لمروره من يوم النّحر في عام حجّة الوداع لمحمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- أربعة أشهر. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أنّكم غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} صدق الله العظيم [التوبة:2]، وأوشكت على الانقضاء فاتقوا الله فمن يجركم من عذاب الله الواحد القهّار؟ فاعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئاً إني لكم ناصح أمين.

يا أيّها العالمين إني أخاف عليكم عذاب يومٍ عقيمٍ، أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة ولسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد الذين لا يعقلون فتجدوهم يرجئون اتّباع الحقّ من ربّهم حتى يروا العذاب الأليم! أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ومثلهم كمثل قوماً آخرين: {قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الحقّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} صدق الله العظيم [الأنفال:32].

وكذلك يوجد بين المُسلمين من هم على شاكلتهم قوم لا يتفكرون فتجدونهم يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة؛ بل الحقّ هو أن تقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتّباعه ولا تجعله عمًى علينا بسبب ظلمنا لأنفسنا برحمتك يا أرحم الراحمين، واجعلنا من الشاكرين برحمتك يا أرحم الراحمين أن بعثت الإمام المهديّ المنتظَر في أمّتنا إنَّ ذلك فضل من الله عظيم حتى يهدينا بالقرآن المجيد إلى صراط العزيز الحميد، اللهم وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه بعفوك وكرمك ومَنِّك يا أكرم الأكرمين، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العزيز الحكيم. 

وقال الله تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} صدق الله العظيم [ق:45]، اللهم قد بلَّغت اللهم فاشهد.

وسلامٌ على المرُسلين، والحمد ُلله ربّ العالمين..
خليفة الله في الأرض عبده؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــــ

الأحد، 13 مارس 2011

[أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقّ الإسلام، وحسابهم على الله تعالى] حديثٌ مفترى جاءكم من عند الشيطان الرجيم بمكرٍ خبيثٍ حتى يؤلّبوا البشر على حربكم


- 1 -
الإمام ناصر محمد اليماني
07 – 04 – 1432 هـ
13 – 03 – 2011 مـ
05:09 صباحاً
______________


من الإمام المهديّ إلى كافة الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور بالأمر بالتبليغ ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدي محمد رسول الله وآله الاطهار وجميع الذين قالوا نحن أنصار الله في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، السلام عليكم أحبتي الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور والتمكين بالفتح المُبين على العالمين في ليلةٍ والمكذبين من الصاغرين، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين ..

ويا أحباب الله بلغوا بالبيان الحقّ للكتاب ذكرى لأولي الألباب بكلّ حيلةٍ ووسيلةٍ فتلك مهمتكم يا من أظهركم الله على أمري وصدّقوا واتّبعوا، ولا تستيئسوا ممن يحظرونكم، ولا تستيئسوا ممن يكذبونكم، وقولوا كما قال أتباع أحد الأنبياء لطائفةٍ منهم في قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)} صدق الله العظيم [الأعراف].

فهل تعلمون بالبيان الحقّ لقولهم: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} صدق الله العظيم؟ أي معذرةً إلى الله حتى لا يحاسبنا من عدم التبليغ بما أنزل الله إلينا ما دمنا صدقنا واتّبعنا، وكذلك لعلهم يتقون فيتبعون الحقّ من ربهم.

فكونوا من الشاكرين أحبتي في الله وبلّغوا البيان الحقّ للكتاب أجمعين في عصر الحوار من قبل الظهور فجميعه نورٌ على نورٍ وشفاءٌ لما في الصدور، ولا تهنوا ولا تحزنوا وقولوا للناس حُسناً، وبشّروا ولا تُنفّروا، وكونوا ليّنين ذَوي خلقٍ عظيمٍ في دعوتكم، وتذكروا قول الله تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظََ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} صدق الله العظيم [آل عمران:159].

وأطيعوا أمر الله إليكم وإلى جميع الدُعاة إلى سبيله في قول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} صدق الله العظيم [النحل:125].

وقول الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [فصلت].

وتذكّروا وصية الله لنبيّه موسى عليه الصلاة والسلام، فبرغم أنّ فرعون عَلا في الأرض وكان من المُسرفين: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} [النازعات]، برغم ذلك أمر الله نبيّه موسى وأخاه هارون عليهم الصلاة والسلام، وقال الله تعالى: { اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿٤٣﴾ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴿٤٤﴾} صدق الله العظيم [طه].

ويا أحباب الله إن كنتم حريصون على تحقيق ما يحبّه الله ويرضاه فسوف تجدون فتوى ما يحبّه الله ويرضاه في قول الله تعالى: {وَلاَ يَرْضَىَ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ} صدق الله العظيم [الزمر:7].

وأحبّ إلى نفس الله أن تدعوا عباده إلى سبيله فتصبروا على أذاهم حتى يهدهم، ذلك أحبّ إلى الله من أن يقاتلوكم فتقاتلوهم فتقتلوهم فيدخلهم النار. ولم يأمركم الله بقتال عباده حتى يكونوا مؤمنين، فلا إكراه في الدين وإنما عليكم ما على رسوله والإمام: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ(40)} صدق الله العظيم [الرعد].

ولربّما يودّ أن يقاطعني أحد الذين يتّبعون أحاديث الشيطان المُخالفة لمحكم القرآن ويحسبون أنهم مهتدون فيقول: "مهلاً مهلاً يا ناصر محمد اليماني ؛بل قال محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقّ الإسلام، وحسابهم على الله تعالى]، رواه البخاري ومسلم هذا الحديث وأخرجاه في الصحيحين من رواية واقد بن محمد بن زيد بن عبدالله بن عمر عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر. وقوله إلا بحقّ الإسلام هذه اللفظة تفرّد بها البخاري دون مسلم، وقد روى معنى هذا الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أُمرت أن أقاتل الناس يعني المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها]، وخرج الإمام أحمد من حديث معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم". 

ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأقول: بل ذلك حديثٌ جاءكم من عند الشيطان الرجيم بمكرٍ خبيثٍ حتى يؤلّبوا البشر على حربكم، كونهم إذا لم يحاربوكم فسوف تُكرهوهم على الدخول في دينكم كرهاً وهم صاغرون، أو تقتلونهم وتسفكوا دماءهم وتسْبُوا نساءهم وتأخذوا أموالهم غنيمةً لكم بحجّة عدم دخولهم في دين الله، ولم يأمركم الله ورسوله بذلك أبداً؛ بل أمركم الشيطان الرجيم. فكيف تطيعون أمر الشيطان وتعصون أمر الرحمن في محكم كتابه في قول الله تعالى:

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا(19)} [المزمل].

{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ(21)لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ(22)} [الغاشية].

{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى(9)سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى(10)وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى(11)الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى(12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا(13)قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى(14)وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى(15)بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(16)وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)} [الأعلى].

{أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:99].

{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)} [البقرة].

{وَقُلْ الحقّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا(29)} [الكهف].

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)} [التغابن].

{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [المائدة:92].

{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النحل:35].

{قلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور:54].

{وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [العنكبوت:18].

{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد:40].
صـــدق الله العظيـــــــــم 

فاتقوا الله يا أولي الألباب، وسألتكم بمن أجرى السحاب وأنزل الكتاب وخلق الإنسان من ترابٍ أليست كافة أوامر الله إلى رسوله في محكم الكتاب مخالفةً لأمر الشيطان في سنة البيان في الحديث المُفترى على الرحمن إلى رسول القرآن أنه قال:
[أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى] رواه البخاري ومسلم ؟!

ولا أقول في صحابة رسول الله الذين ورد هذا الحديث أنه عنهم إلا خيراً، فكما افترى شياطين البشر على رسول الذكر كذلك يفترون على صحابته الأخيار، فاتقوا الله واتّبعوا كتاب الله وسنّة رسوله الحقّ إلا ما خالف من أحاديث سنّة البيان لمحكم القرآن فاعلموا إنه حديثٌ مفترى من عند الشيطان، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.

أفلا تعلمون أنكم حتى ولو أكرهتم كافة الجنّ أو الإنس حتى يكونوا مؤمنين بالرحمن ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لما تقبل الله صلاتهم ولا زكاتهم وهم كارهون حتى تكون صلاتهم وزكاتهم خالصةً لله من قلوبهم وليس خشيةً من أحدٍ؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ} صدق الله العظيم [التوبة:18]، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.

وأما بالنسبة للجهاد في سبيل الله لرفع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان فذلك أمر من الرحمن إلى الذين مكنهم الله في الأرض. تصديقاً لقول الله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأْرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الأْمُورِ} صدق الله العظيم [الحج:41].

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم [آل عمران:110].

ولكن للأسف إنّ كثيراً من عُلماء الأمّة وخطباء المنابر لا يفرّقون بين الآيات في محكم الذكر التي تخصّ الدعوة إلى الله وبين الآيات في محكم الذكر التي تخصّ الجهاد في سبيل الله للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولرفع ظلم الإنسان عن أخيه الإنسان وليس لإكراه الناس بالإيمان بالرحمن. أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها يا معشر الذين أضلّوا أنفسهم وأضلّوا أمّتهم؟ 

ولسوف أضرب لكم مثلاً كيف استطاع الذين يقولون على الله ما لا يعلمون ويحسبون أنهم مهتدون أن يقنعوا أتباعهم في قتل الكفار الذين لا يؤمنون، فعلى سبيل المثال يقولون لهم: [قال محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن عبد الله عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقّ الإسلام وحسابهم على الله تعالى. رواه البخاري ومسلم].

ومن ثم يقول: "فهذا يعني أنّ الله أمرنا بقتال المشركين وقتلهم حتى يكونوا مؤمنين فيقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة؛ ما لم فقد أحلّ الله لنا دماءهم ونساءهم وأبناءهم وأموالهم غنيمةً لنا". ومن ثم يقول: "وقال الله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:5]".

ومن ثم يزيدهم بآياتٍ أُخر ويقول: "قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111].

وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} صدق الله العظيم [الأنفال:39]".

ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني: إنما أمركم الله بقتال الكفار الذين يقاتلونكم في دينكم ويفتنون من اتّبعكم، ولذلك أمركم الله بقتال الكفار الذين يقاتلونكم حتى لا يفتنوا من آمن بدعوتكم وصدّقكم واتّبع دين الحقّ من ربه، فهنا وجب عليكم نصرة إخوانكم في الدين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} صدق الله العظيم [الأنفال:72].

تصديقاً لحديث محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى تَدَاعَى بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى] صدق عليه الصلاة والسلام وعلى آله.

وإنما أمركم الله بقتال من يقاتلكم من الكفار الذين يريدون أن يطفئوا نور الله ولم يأمركم الله بالاعتداء على من لم يقاتلكم من الكفار. وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)} صدق الله العظيم [البقرة].

كون الله لم ينهاكم عن الكفار الذين لم يقاتلونكم في دينكم؛ بل أمركم الله أن تبروهم وتقسطوا إليهم وتعاملوهم كما تعاملون إخوانكم المؤمنين بمُعاملة الدين. تصديقاً لقول الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} صدق الله العظيم [الممتحنة:8].

ولم يأمر الله رسوله أن يقاتلهم حتى يكونوا مؤمنين؛ بل أمر الله عبده ورسوله أن يعدل بين المؤمنين والكافرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} صدق الله العظيم [الشورى:15].

فكيف يخالف محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول: [أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى] رواه البخاري ومسلم ؟

وأما بالنسبة لقول الله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم، فإنما يقصد المشركين المتخلفين في مكة من بعد البراءة كون الله أمر المُسلمين بعدم اقتراب المشركين لبيته المعظم حتى يكون خالصاً للمُسلمين يحجون، وتبرئ الله من حجّ المشركين إلى بيته المعظم شاهدين على أنفسهم بالكفر؛ بل جعله الله سواء للناس لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يشرك بالله غيره في عبادته لربه، ولذلك أمر الله المُسلمين بعدم اقتراب المشركين من المسجد الحرام. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:28].

ومن بعد إعلان البراءة من الله ورسوله يوم الحجّ الأكبر فمن وجدوه في مكة المكرمة فقد تحدى براءة الله ورسوله فأمركم الله بقتاله حتى ولو كان متعلقاً بستار الكعبة إلا أن يعلن لكم إسلامه. فيقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة فهذا يعني أنهم صاروا إخواناً لكم في الدين ولهم الحقّ في المسجد الحرام ما لكم، ولذلك أمركم ا لله أن تخلوا سبيلهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (6)} صدق الله العظيم [التوبة].

غير أنّ الله أمر المؤمنين أن من استجار به من الكفار والمشركين أن يأجره حتى يسمع كلام الله، فإن اتّبع الحقّ من ربه فكان بها، وإن أبى فأمركم الله أن تبلغوه مأمنه فتخرجوا معه حتى يبتعد من مكة وتعاملوه المعاملة الحسنة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (6)} صدق الله العظيم [التوبة].

فاتقوا الله يا معشر الذين يقولون على الله ما لا يعلمون فأضلّوا أنفسهم وأضلّوا أمّتهم، واتّقوا الله يا معشر عُلماء المُسلمين يا من لا تفرّقون بين الحمير والبعير برغم أنّ الفرق بين الحمير والبعير مختلفٌ جداً! فكيف إنكم لا تفرّقون بين المهديّ المنتظَر الحقّ من ربكم وبين المهديين الذين تتخبطهم مسوس الشياطين الذين يوسوس لهم قرينه الشيطان بأنه المهديّ المنتظَر؟ وبين الحين والآخر يظهر لكم مهديٌّ منتظرٌ جديدٌ، أفلا تعلمون أنما ذلك مكرٌ من الشيطان الأكبر حتى إذا ابتعث الله اليكم المهديّ المنتظَر الحقّ من ربكم فتقولوا إنما هو كمثل الذين يدعون شخصيّة المهديّ المنتظَر بين الحين والآخر فتعرضوا عنه حتى يأتيكم عذاب الله بما تسمونه بالكوكب العاشر. أفلا تتقون أفلا تتدبرون البيان الحقّ للذكر الذي يحاجِجكم به المهديّ المنتظَر الحقّ الإمام ناصر محمد اليماني ومن ثم تقارنوا بين سلطان علمه وسلطان علم المهديين المفترين الذين تتخبطهم مسوس الشياطين؟ أفلا تتقون؟ فإذا كنتم من الذين لا يحكمون من قبل أن يسمعوا القول ثم يتدبرون منطق وسلطان علم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وبين سلطان علم المهديين الذين يقولون على الله ما لا يعلمون فسوف تجدون أن الفرق بين المهديّ المنتظَر وبين المفترين لشخصية المهديّ المنتظَر هو كالفرق بين الحمير والبعير، أم إنكم لا تفرقون بين الحمير والبعير أفلا تتفكرون؟

ويا قوم أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة، أفمن هذا الحديث تضحكون ولا تبكون؟ أفلا تعلمون أن الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني ليخاطبكم بكلام الله ربّ العالمين؟ فآتيكم بالبيان الحقّ للقرآن بقرآنٍ من محكم القرآن العظيم بآياتٍ بيّناتٍ هُنّ أمّ الكتاب المحكمات لعالِمكم وجاهلكم بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ يفقههن ويعلم ظاهرهن وباطنهن العالِم منكم والجاهل كون ظاهرهنّ كباطنهن لا يزيغ عمّا جاء فيهن إلا من كان في قلبه زيغٌ عن الحقّ. وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..

أخوكم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
_______________