الأحد، 30 نوفمبر 2014

الردّ الأول من الإمام المهديّ إلى المفكر الإسلامي أبي هبة، وربّه أعلم بما في قلبه فليحذره


الإمام ناصر محمد اليماني
08 - 02 - 1436 هـ
30 - 11 - 2014 مـ
09:52 صباحاً
ــــــــــــــــــ


الردّ الأول من الإمام المهديّ إلى المفكر الإسلامي أبي هبة، وربّه أعلم بما في قلبه فليحذره ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله من الجنّ والإنس من أوّلهم إلى خاتمهم محمد رسول الله وجميع المؤمنين في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أما بعد..

ويا أيّها المفكر والباحث الإسلامي أبا هبة، لسوف نعلم أيّنا الذكي وأيّنا الغبي وأيّنا يحرِّف الكلِم عن مواضعه المقصودة كتحريفك للبيان الحقّ لقول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} صدق الله العظيم [الحج].

ونأخذ قول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54)} صدق الله العظيم. فهنا يتكلم الله عن المؤمنين بالقرآن العظيم منذ نزول القرآن وهم المتدبّرين المتفكّرين في كل زمانٍ ومكانٍ فلا ينتظرون معجزاتٍ خارقةٍ لكي يصدّقوا؛ بل تدبروا الكتاب تدبر العقل والمنطق. تصديقاً لقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} صدق الله العظيم [ص].

وأمّا الذين لا يتدبرون ولا يتفكّرون في كل زمانٍ ومكانٍ فهم في شكٍ من حقيقة هذا القرآن العظيم حتى يأتي أحدَهم الموتُ فيزول الشكّ باليقين أو يأتيه عذاب يومٍ عقيمٍ وهو لا يزال على قيد الحياة، فلا تحرّف البيان عن مواضعه المقصودة. وقد كان الحوار بيني وبين (علي سالم) ليس في المؤمنين بالقرآن العظيم؛ بل كنت أقيم الحجّة عليه بأنّ أصحاب الشكّ في حقيقة هذا القرآن العظيم أنه سوف يزول شكّهم يوم يأتيهم عذاب يومٍ عقيمٍ قبيل قيام الساعة فمن ثمّ يقولون: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} صدق الله العظيم [الدخان].

ولكنك دمجت في البيان آيةً لم نقصد بيانها على الإطلاق في حوارنا لعلي سالم وهي قول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54)} صدق الله العظيم. وحتى وإن نسختها مع الآية المقصودة فعلي سالم يُعتبر أذكى منك كونه يعلم أنّي لا أقصد إلا قول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} صدق الله العظيم، ولكنّك أخذت الآية التي قبلها فقلت فكيف تنطبق مع بيان ناصر محمد اليماني؟ رغم أنك لربّما تعلم أنّي لم أقصد بيان آية المؤمنين؛ بل بيان الآية التي تفتي بشكّ الذين لا يوقنون بآيات ربّهم في محكم كتابه وأنه سوف يزول الشكّ باليقين حين يروا آية العذاب بالدخان المبين، ثمّ يزول الشك باليقين فيقولون: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} صدق الله العظيم، فمن ثم يزول الشكّ باليقين فيقولون: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} صدق الله العظيم [الدخان]، ولكنّك تحاول أنْ تظهر عيباً في بيان الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني حتى كلفك ذلك أن تحرّف البيان عن غير المقصود.

ويا أبا هبة، والله الذي لا إله غيره لا يخفون علينا الباحثون عن الحقّ من المرجفين المشكِّكين في البيان الحقّ للقرآن العظيم، ولسوف أثبت غباءك ومن القرآن العظيم كوني سوف آتي بفكر مَنْ هم على شاكلتك فاسمع للقصة الآتية: فقد كان صحابة محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحفظون ما يستطيعون من آيات القرآن ثم يذهبون ليبلّغوا الناس بها تنفيذاً لحديث محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [بلغوا عني ولو آية]. وكان الدعاة من المؤمنين بالنبيّ يلتقون ببعض الأغبياء فيتلون عليهم آيات ربّهم، فلا يوقنون بها ولم يتفكروا فيها؛ بل قالوا: "لن نؤمن بها حتى نقابل محمداً وننظر إلى صورته ونسمع الآيات هذه من فيهِ". فمن ثم ذهبوا من الدعاة إلى النّبيّ فقابلوه، وللأسف لم يتغيّر من واقعهم شيئاً ولم تهتدِ قلوبهم لكون الهدى ليس في صورة النّبيّ ولا في سماع صوته. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ (42) وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ (43) إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)} صدق الله العظيم [يونس].

فهل سماعهم لصوت النّبيّ هدى قلوبهم؟ إنهم لم يهتدوا كونهم لم يتفكروا في آيات ربّهم التي تتلى عليهم. وكذلك الإمام المهديّ، فوالله يا أبا هبة إذا لم يهدِك إلى الحقّ البيانُ الحقّ في هذا الموقع المبارك فإنّك لن تهتدي أبداً وحتى لو رافقت الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني ألف عامٍ -لو تعمرنا- وأنا أتلو عليك الليل والنهار قرآنه وبيانه بالغيب عن ظهر قلبٍ فلن تهتدي إذاً أبداً كونك أصلاً لا تتفكّر في البيان الحقّ للقرآن؛ بل تظنّ الهدى في صورة ناصر محمد اليماني وسماع صوته، ولذلك أنت مصرٌّ على ظهور الصوت والصورة الحيّة. وما الفرق؟ فهل سوف يحاجّكم ناصر محمد اليماني من بعد ظهور الصوت والصورة الحيّة بغير ما يحاجِج به ناصر محمد في موقعه في عصر الحوار من قبل الظهور؟ وربّما يودُّ أبو هبة أن يقول: "بل نريد أن ندرس كيف تعلمتَ البيان وكيف يأتيكَ؟ وهل أنت حافظٌ للقرآن أم إنّك فقط تستخدم البحث؟". فمن ثم نردّ عليك بالحقّ ونقول: فهذا هو الغباء الفاحش يا أبا هبة! فكأني أحاجّكم بوحيٍّ جديدٍ على الساحة من ربّ العالمين! بل نحاجكم بآياتٍ يحفظها علماؤكم في صدورهم عن ظهر قلبٍ من قبل أن يبعث الله الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني، ولكن للأسف كالحمار يحمل الأسفار في وعاءٍ وهو لا يعلم ما يحمل على ظهره! مع احترامي لعلماء المسلمين؛ ولكن هذه هي الحقيقة.

ويا رجل، كيف أنّ الذين فسّروا القرآن ستجد أنّهم كانوا يحفظون القرآن عن ظهر قلبٍ ولكنّك سوف تجد أيضاً الفرق بين تفسيرهم القرآن وبين بيان القرآن للإمام ناصر محمد اليماني، فهو كالفرق بين الظلمات والنور وكالفرق بين الحقّ والباطل؛ بل لا مجال للمقارنة.

والسؤال الذي يطرح نفسه؛ فكيف استطاع ناصر محمد اليماني أن يبيّن القرآن ويفصّله تفصيلاً من نفس القرآن وهو لا يحفظ القرآن؟ فمن ثم نردّ عليكم بالحقّ وأقول: والله الذي لا إله غيره إنّ ربّي يلهمني بكلماتٍ من سلطان علمي وبعض الكلمات لا أعلم علم اليقين حينها هل حقاً هي موجودةٌ في القرآن أم وسوسة شيطانٍ! فلا بدّ أن يطمئن قلبي. فمن ثّم أضع هذه الكلمات في محرك قوقل حتى أتبيّن وجودها في القرآن لأنّي معذورٌ فأنا لا أحفظ القرآن، فمن ثمّ تحضر كلمات الآية المطلوبة بالضبط، فمن ثم أنظر في أيّ سورةٍ هي وما رقم الآية، ومن باب الحرص أتأكد من صحة الآية من عدّة مواقع خاصةً بالقرآن. فسبحان ربي! وإنّما يلهمني ربّي كلمات بحثٍ وليست الآية كاملةً، فبعض الكلمات أعلم أنها موجودةٌ في القرآن وبعضها لا يطمئن قلبي حتى أجدها في محكم القرآن.

وعلى كل حالٍ ليس شغلك كيف علِمَ ناصر محمد البيانَ يا أبا هبة، ومن المفروض أن لا يهمك ذلك في شيء كونك أصلاً لن تصدق ناصر محمد بأيّ وحيٍّ ما لم يجادلك من آيات القرآن العظيم، إذاً فلماذا تشغل نفسك بمعرفة كيف يتلقّى ناصر محمد وحي التّفهيم؟ بل ذلك غباءٌ كبيرٌ مع احترامي لأبي هبة، وبيني وبينكم (قال الله وقال رسوله) وما عندي وحيٌّ جديدٌ ولا كلمةٌ واحدةٌ ولا حرفٌ بغير ما تنزَّل على خاتم الأنبياء والمرسلين محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وبالنسبة لوسيلة الإنترنت العالميّة فهي أحسن وسيلةٍ للحوار مع علماء الأمّة ومفتي ديارهم في عصر الحوار من قبل الظهور، فأنت تعلم يا أبا هبة أنّ ما لا يقل عن 90% من علماء المسلمين والنصارى واليهود يدخلون الأنترنت العالميّة ويدخل موقعنا آلاف العلماء بأسماءٍ مستعارةٍ ويطّلعون على البيان الحقّ للقرآن فيتفاجأون بما لم يحتسبوا من العلم، فمنهم من يتابع بدون مشاركةٍ، ومنهم من يراسلنا على الخاص ويعترف بالحقّ ويقول: "وأشهد أنك يا ناصر محمد تنطق بالحقّ وتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ ولكني غير مستيقن بعد أنك أنت الإمام المهدي". وآخرون يبايعون، وآخرون مذبذبون لا معي ولا ضدي، وآخرون لم يطلعوا على بيانات الإمام ناصر محمد اليماني وإنّما سمعوا عنّي بأنه يوجد هناك رجلٌ في الأنترنت العالميّة يقول أنّه المهديّ المنتظَر ناصر محمد، ومباشرةً استشاطوا غضباً وصعدوا على منابر المساجد يحذّرون المسلمين من اتّباع المدعو ناصر محمد اليماني، وما كانت حجّتهم إلا قولهم أنّ المهديّ المنتظَر إنّما ورد في الأثر اسمه "محمد بن عبد الله" إن كان ذلك العالم سُنيّاً، أو يقول كما ورد في الأثر عن أئمة آل البيت المطهر أنّ اسم المهديّ المنتظَر "محمد بن الحسن العسكري" وليس ناصر محمد. فمن ثمّ نقيم عليهم الحجّة ونقول: أقسم بمن علّمني البيان الحقّ للقرآن قسم المهديّ المنتظَر الحقّ لا قسم كافرٍ ولا فاجرٍ أنّ الذين يحكمون على ناصر محمد اليماني من قبل أن يستمعوا إلى سلطان علمه أنّهم ليسوا من الذين هداهم الله لكون الذين هداهم الله في كلّ زمانٍ ومكانٍ هم الذين لا يحكمون من قبل أن يستمعوا القول؛ بل يؤجِّلون الحكم إلى بعد أن يستمعوا القول فمن ثم يتّبعوا أحسنه إن تبيّن لهم أنه الحقّ من ربّهم، وأولئك بشّرهم الله بالهدى في كلّ زمانٍ ومكانٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

ولن يهتدي إلى الحقّ في عصر بعث الأنبياء والمهدي المنتظر إلا أولو الألباب وهم الذين لا يحكمون على الداعية من قبل أن يستمعوا لقوله ويتفكروا في منطق سلطان علمه؛ بل يؤجّلوا الحكم حتى يستمعوا إلى سلطان علم الداعية فمن ثم يتّبعوا أحسنه إن تبيّن لهم أنّ سلطان علمه من عند ربهم لكونه قد تقبلته عقولهم واطمأنت إليه قلوبهم وسالت أعينهم من الدمع مما أبصروا من الحقّ من ربّهم وتبيّن لهم أنّه يدعو إلى الحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، وأولئك الذين هدى الله من عباده في كل زمانٍ ومكانٍ في عصر بعث الأنبياء وأئمة الكتاب والمهديّ المنتظَر. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَبَشِّرْعِبَادِ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر].

ألا والله الذي لا إله غيره أني لا أراك منهم يا أبا هبة وأراك تطالبنا بقناةٍ فضائيّة، فمن ثم نقول لك: يا أبا هبة، إن القناة تصلح لإعلان الحقّ للناس وليس للحوار، فتعال أولاً لتنظر هل ناصر محمد اليماني ينطق بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ ومن بعد اقتناع أبي هبة فلكل حادثٍ حديثٍ، ولكنك مشغولٌ بالإعلان من قبل أن تقتنع أنت بالدعوة المباركة! ألا والله لا يتمنى تحقيق القناة الفضائيّة لناصر محمد إلا أنصاره، وأما أبو هبة فوالله لا يتمناها لناصر محمد كونه أصلاً ليس مقتنعاً بدعوة ناصر محمد اليماني؛ بل ومكذباً بدعوة ناصر محمد اليماني برغم أنّه لم يقرأ بعد من بيانات ناصر محمد إلا قليلاً وما جاء إلا ليقيم الحجّة على ناصر محمد، ولكنه كاد يجعل الحجّة في عدم وجود القناة الفضائية أو في عدم ظهور ناصر محمد اليماني وهو يدعو الناس في الشارع العام. فهل تظنّه جُبْناً من ناصر محمد اليماني؟ فوالله إنّك لمن الجاهلين، أوَ تظنُّ أنّ ناصر محمد لا يجيد الخطاب الارتجالي؟ بل أنتم من الجاهلين. ولسوف تعلمون يا أبا هبة ما أجمل نثر البيان الحقّ للذكر على لسان المهديّ المنتظَر كوني أفهم القرآن فهماً وهذا هو الأهم من قبل الحفظ حتى لا أكون كالحمار يحمل الأسفار في وعاءٍ ولكنه لا يفهم ما يحمل على ظهره.

ويا رجل، لقد أنزل الله القرآن للتدبّر أولاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [ص:29].

وأما الأغبياء الذين لا يتدبّرون ولا يتفكّرون في سلطان علم البيان الحقّ للقرآن فلن ولا ولن يهتدوا حتى ولو ظهر المهديّ المنتظَر في كافة قنوات البشر ليتلو عليهم البيان الحقّ للذكر، فلن يزيدهم بعث المهديّ المنتظَر إلا رجساً إلى رجسهم كونهم أرادوا أن يؤسِّسوا الهدى على براهين من عند أنفسهم إمّا بطلب المعجزات الخارقة أو غير ذلك كما يريد أن يؤسس أبو هبة هدى القلب أنْ يقوم على رؤية ناصر محمد اليماني؛ لننظر كيف فنّ الخطابة لديه؟ وننظر كيف يتلقى سلطان علم البيان للقرآن؟ و و و و ......... فمن ثم نقول: والله ثم والله إنّك من الجاهلين؛ بل بُني أساس الهدى على التفكّر في آيات الكتاب والإيمان بها. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)} صدق الله العظيم [الروم].

وذلك بينكم وبين المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني أن يقيم عليكم الحجّة بالحقّ بآياتٍ بيّناتٍ محكماتٍ من آيات أمّ الكتاب، أم لا ترى هذه الآيات التي تأسّس عليها هدى الربّ للقلب أنّه تأسّس على الاستماع والتفكر والتدبر لآيات الله في محكم كتابه؟ تصديقاً لقول الله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)} صدق الله العظيم.

ويا أبا هبة، إنّ الإمام المهديّ في مرحلة تربية أنصاره روحيّاً وعلميّاً حتى يُؤسِّسهم بشكلٍ صحيح على أساس التقوى والعلم، فلا يأتي الظهور إلا وهم جاهزون للحكم بما أنزل الله على دول البشر، وهذه مدرستهم العالميّة فإن شئتَ أن تنتمي لهذه المدرسة سواء تريد أن تكون من تلاميذ المعلم الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني، أو إن شئت كذلك نقبلك أن تجادل مُدرّسَ المدرسة العالميّة ليعلَمَ تلاميذه لكم يتفوّق معلمُهم حقاً على كافة علماء المسلمين والنصارى واليهود، وليس تحدي الغرور كما تصفنا، فليسمح لي الجميع ومن الآن أن أعلن النتيجة للحوار بين المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني وفضيلة الشيخ (أبي هبة) بأنّني سوف ألجمه بالحقّ إلجاماً في جميع ما يشاء من النقاط عن ظهر الغيب، فليختَر ما يشاء وسوف يجد من العلم بإذن الله العليم الحكيم ما لم يكن يحتسب، ولسوف نخرس لسانه بمنطق سلطان العلم من محكم القرآن العظيم.

وربّما يودّ أن يقول أبو هبة: "بل نريد أن نعلم كيف تعلمته؟". فمن ثم نقول لك: يا أبا هبة، فلتذهب إلى قبر محمدٍ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالمدينة المنورة فسله كيف تعلّم هذا القرآن؟ وأما ناصر محمد فلماذا تسأله هذا السؤال فهو لا يكلمكم إلا بما تنزل على خاتم الأنبياء محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم إنّك ترى أنّها حجّة علينا لو لم نحفظ القرآن وترانا نبحث عن الآية؟ بل سوف أبحث عنها رغم أنفك، أم تريدني أن أفتري على الله؟ وإنّما أتلقى من ربّي كلمات التذكير للآية أن يلهمني بكلماتٍ من الآية وذلك حتى أضعها في محرك البحث، وهذا ما سوف أفعله حتى من بعد الظهور.

ونقول لك يا أبا هبة، فها هو الأنترنت بين يديك فأتحدّاك أن تأتي ببيانٍ هو أهدى من بيان ناصر محمد اليماني، ولن نعيب عليك أن تبحث عن الآية في محرك قوقل؛ بل افعل ما تشاء وابحث كيفما تشاء، ولكن هيهات هيهات فمن يُذكّرك بسلطان علمك في الكتاب يا أبا هبة؟ فوالله ثم والله لولا أنّ ربّي يذكّرني بكلماتٍ من سلطان علمي لما استطعت أن آتيكم بالبيان الحقّ للقرآن، فهيا جرّب حظّك يا أبا هبة. وما ترانا مخالفين الحقّ في بيان أي آيةٍ؛ فهيا فلتبحث كيف تشاء في محرك قوقل فتأتينا بالتفسير الأحقّ من بيان ناصر محمد اليماني.

واسمح لي أن أقول لك ومن الآن مزكّياً فتواي بالقسم رغم أنفك؛ وأقول: أقسم بالله الواحد القهار معلمَ المهديّ المنتظَر لا تستطيع أنت وكافة علماء الأمّة وخطباء المنابر أن تأتوا ببيانٍ للقرآن هو أحقّ من بيان ناصر محمد اليماني وأقوم قيلاً وأهدى سبيلاً حتى ولو كان بعضكم لبعضٍ وكيلاً وخليلاً. وليس تحدي الغرور يا من تتّهمنا بالغرور فدعك من المغالطة والإرجاف، فهيا فلتختَر أي نقطةٍ تراها باطلةً في أي بيانٍ لنا ولنتجادل فيها. ولكنّك من المرجفين وظننتُك من الباحثين عن الحقّ ومفكراً إسلاميّاً فبئس الفكر فكرك.

ويا معشر الأنصار السابقين الأخيار توقّفوا عن حوار أبي هبة وذروه للمهديّ المنتظر ناصر محمد اليماني لننظر أيّنا ينطق بالحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ، ولئن وجدتم أنّ أبا هبة أقام علينا الحجّة في مسألةٍ واحدةٍ فقط من القرآن العظيم فعلى جميع الأنصار في مختلف الأقطار التراجع عن اتّباع ناصر محمد اليماني حتى ولو رأيتموني غلبتُ أبا هبة في ترليون مسألة إلا مسألةً واحدةً فقط غلبني فيها أبو هبة فإنّ عليكم بالتراجع عن اتّباعي، وهل تعلمون لماذا هذا الحكم الظالم في حقّي؟ وذلك لكوني أعلم أنّ أبا هبة لا ولن يستطيع لا هو ولا كافة علماء الإنس والجنّ أن يغلبوني. ويا مسلمين، فهل ترون أنّه سوف يُغلَب تلميذٌ ومعلمه الله ربّ العالمين؟ والجواب: سبحانه لا علم لي إلا بما علّمني ربّي إنّ ربي عزيزٌ حكيمٌ. وإنّما أتحداكم بالله وليس بنفسي. ويا سبحان الله العظيم، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، فما بالك بمن وعده الله أنّه لا ولن يجادلني عالِمٌ ولا أحدٌ في القرآن إلا غلبته؟

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
خليفة الله وعبده؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
___________

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

يخرج المسيح الكذاب لفتنة الناس من بعد حدَثِ الدخان المبين كون الناس آمنوا بسبب آية العذاب


- 5 -
الإمام ناصر محمد اليماني
06 - 02 - 1436 هـ
28 - 11 - 2014 مـ
07:51 صباحاً
ــــــــــــــــــ


الردّ الثالث من الإمام المهديّ إلى علي سالم بالمزيد من سلطان العلم الملجم بالحقّ ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله من الجنّ والإنس وجميع الصالحين في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أما بعد..
فأقول عجيبٌ أمرك وعجيبٌ تفكيرك يا علي سالم! وظننتُ أنّ عندك شيئاً من العلم ولذلك جئتنا لتذود عن حياض الدين بسلطان العلم المبين، ولكن حسب فتواك أنّك لست خريج مدرسةٍ دينيّةٍ بل خرّيج مدرسةٍ علمانيّةٍ، وكذلك تقول أنك لست بعالم دينٍ! فيا رجل، إذاً لماذا جئتنا تزبد وتربد وتفتي أنّ ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ وأعلنت أنك ندٌّ لحوار ناصر محمد اليماني بشرط عدم تدخل الأنصار في الحوار؟ فمن ثم أمرنا الأنصار بعدم التدخل لنرى ما سوف يفعل علي سالم وتفرغنا لحوارك وانصرفنا عن الردّ على كافة المشاركات الأخرى للوافدين، ولكن للأسف وجدناك تجادل في آيات الله بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ، إذاً فكيف سوف تغلب ناصر محمد اليماني ما دمت تأتي بسلطان العلم من عند نفسك حسب رؤيتك وتُأَوِّلَ القرآن والرؤيا حسب رؤيتك بكلامٍ يجلب عليك مقت أولي الألباب المتابعين لحوارك مع الإمام المهديّ ناصر محمد؟

ويا رجل، بالنسبة لدعوى ناصر محمد اليماني أنّ الله زاده في العلم بسطةً على كافة علماء الدين فلكلّ دعوى برهان. وأمّا رؤيا محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بالفتوى الحقّ بأنّني المهديّ المنتظَر وأفتاني أنه [ما جادلني عالِمٌ من القرآن إلا غلبتُه] فإذا كانت رؤيا حقٍّ فلن تجد عالماً ولا جاهلاً يجادلني من القرآن إلا غلبتُه بالحقّ من محكم الكتاب كما سوف أغلبك بسلطان العلم من محكم القرآن العظيم في حقيقة بعث المهديّ المنتظَر.

ويا رجل، إنّي أراك تجهل برهان من اصطفاه الله للناس إماماً والبرهان أنّ الله يزيده بسطةً في علم الكتاب ليحكم بين المخالفين فيما كانوا فيه يختلفون فيجمع شمل الأمّة ويقودهم إلى الصراط المستقيم! فانظر لردّ نبيِّ بنيْ إسرائيل على الذين استنكروا أن يجعل الله الإمام طالوت إمامهم وقائدهم وملكهم ويرون أنهم أحقّ بالملك منه وأنّه ليس من الأغنياء. وقال الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصطفاه عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} صدق الله العظيم [البقرة].

وكذلك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني اصطفاه الله عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم؛ فلا يكون جسمي من بعد موتي جيفةً قذرةً ولا عظاماً نخِرةً وذلك كمثل أجساد الأنبياء وأئمة الكتاب الحقّ المصطفين الأخيار، والله يؤتي ملكه من يشاء يا علي سالم فليس لكم الخيرة في اصطفاء إمام العالمين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} صدق الله العظيم [القصص].

وأمّا تفسيرك لآية العذاب بكسف الحجارة بالدخان المبين فإنه لشيءٌ مضحكٌ لدرجة القهقهة من الضحك! ونقتبس تفسيرك لآية الدخان كما يلي:

من اين اتيت بأن كسف من الحجارة هو الدخان يا رجل ؟!! الدخان حصل في زمن النّبيّ وهو كناية عن الجوع والقحط
لان الجائع يغشى بصره من الجوع فيرى السماء كأنها دخان في عينيه قبل ان يغشى عليه من الجوع بل هذا امرا علميا وطبيا حيث ان الذين يعانون من فقر الدم الحاد بسبب سوء التغذيه يعانون من هذه الظاهرة دائما حيث تظهر على عيونهم غشاوة كغشاوة الدخان ولايستطيعون التمييز بالرؤيا بشكل واضح ... 
فكف عن ترقيعك لتأويل الايات 
واستغفر ربك ولا تفسر القرأن بحسب هوى نفسك
ـــــــــــــــــ
انتهى الاقتباس

فمن ثمّ نردّ عليك بالحقّ ونقول: يا علي سالم لقد أنذر قومَه محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بكسف الحجارة تأتيهم من السماء من كوكب العذاب. ولذلك قال الله تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا ﴿90﴾ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا ﴿91﴾ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً ﴿92﴾} [الإسراء]. ونستنبط أنّ النّبيّ حذّر الكفار المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم من الناس أجمعين أن يصيبهم الله بكسف الحجارة بالدخان المبين من السماء من كوكب العذاب، ونستنبط ذلك من خلال ردّهم على النّبيّ فقالوا: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا}، ويقصدون كسف الحجارة من كوكب العذاب، ولذلك قال الكفار: {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الحقّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} صدق الله العظيم[الأنفال].

وإنّما الدخان هو كسفٌ مركومٌ كالسحاب الأسود. وقال الله تعالى: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ (44)} صدق الله العظيم [الطور]، وتوعّد الله المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم أن يعذبهم بكسف الدخان المبين الأسود المركوم؛ يأتيهم من السماء. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم [الطور].

وبما أنّ وقوعه حتميٌّ فتوعّد الله المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم أن يذيقهم من العذاب الأدنى دون الكسف لعلهم يرجعون. قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم [الطور]. فهل تعلم ما يقصد الله تعالى بقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)}؟ ويقصد أنّه يذيق الكافرين من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون كونهم يسمّونها كوارثَ طبيعيّة. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم؛ أي لا يعلمون أنّ الله يذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون وليست الطبيعة تعذّبهم من ذات نفسها؛ بل الله هو من أمر الطبيعة لو كانوا يعقلون.

وأمّا بالنسبة للعذاب الذي يصيبهم من قبل مجيء كسف الحجارة فهو بسبب تناوش كوكب العذاب مع الأرض من مكانٍ بعيدٍ فيؤثّر على الشمس والقمر والأرض كلما اقترب، فتتزايد بما يسمّونها الكوارث الطبيعية. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم؛ أي دون الكسف بسبب اقتراب كوكب العذاب من أرض البشر.

وقال الله تعالى: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54)} صدق الله العظيم [سبأ].

وهنا يُزال الشكُّ باليقين. وقال الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [الدخان].

ويا علي سالم، إنّي لا أجد في الكتاب حتى قريةً واحدةً لم يأتِهم نصيبهم من كوكب العذاب سواء قرى الكافرين أو قرى المسلمين لكونهم جميعهم معرضون عن اتّباع هذا القرآن العظيم إلا من رحم ربي ويُنجّي الله المتقين. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} صدق الله العظيم [الإسراء]. فهل تعلم ما يقصد الله بقوله كان ذلك في الكتاب مسطوراً؟ أي مسطوراً في محكم القرآن العظيم في قول الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾} صدق الله العظيم.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يقُل الله تعالى يغشى الكفار هذا عذاب أليم؛ بل قال الله تعالى: {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}؟ وذلك كون عذاب الدخان المبين يشمل كافة قرى أهل الأرض كفاراً ومسلمين ما بين عذابٍ وهلاكٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} صدق الله العظيم.

ويا علي سالم، فانظر لحدث العذاب الذي يشمل كافة قرى الكفار والمسلمين أنّه يحدث لأهل الأرض في يوم من قبل مجيء يوم القيامة وذلكم هو عذاب اليوم العقيم يا علي سالم يحدث قبل قيام الساعة لكونه من أشراط الساعة الكبرى؛ ذلكم عذاب اليوم العقيم الذي سوف يُزال منه الشكُ باليقين فيؤمن الناس أجمعون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الحقّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} صدق الله العظيم [الحج]. وكما أخبركم محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أنّ عذاب الدخان من أشراط الساعة الكبرى ولم يقل أنّه سيحدث في عهده عليه الصلاة والسلام، فلكم ضلَّ الناسُ الذين يقولون على الله ما لا يعلمون!

وتعال يا علي سالم لنعلمك بالبرهان الأكبر لبعث المهديّ المنتظَر بحقيقة اسم الله الأعظم لكافة البشر والذي يهدي الله في عصر بعثه الضالين من الناس أجمعين فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. فتجد البرهان في قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّةً واحدةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم [هود].

ونأتي لبيان هذه الآية مباشرةً بآيات من محكم القرآن كما يلي: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً}، وتجدون البيان المقصود في قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [يونس:99]. 

فمن ثم نأتي لبيان قول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)}، ويقصد في عصر الرسل من أولهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم [الأعراف:30]. 

فمن ثم نأتي لقول الله تعالى: إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ }، ويقصد في زمن بعث المهديّ المنتظَر الداعي إلى النّعيم الأكبر من نعيم الجنة كون فيه السرّ والحكمة من خلقهم، فجعل الناس أمّةً واحدةً على الهدى وتحقق الهدف من خلقهم، وذلك المستثنى هو عصر بعثه يجعل الله الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. وأما في عصر بعث الرسل ففريقاً هدى الله وفريقاً حقّ عليهم الضلالة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّةً واحدةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم [هود].

وأما قول الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم، ويقصد حزب الشيطان من الجنّ والإنس وهم شياطين الجنّ والإنس، فتجدون البيان في قول الله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} صدق الله العظيم [ص]. وتلك هي كلمة الحقّ المقصودة في قول الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم؛ وهي قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} صدق الله العظيم. أولئك هم جيوش إبليس المسيح الكذاب إبليس الشيطان الرجيم الذي سوف يأتي لفتنة الناس من بعد إيمانهم جميعاً في عصر بعث الإمام المهديّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].

ويخرج المسيح الكذاب لفتنة الناس من بعد حدَثِ الدخان المبين كون الناس آمنوا بسبب آية العذاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الدخان]. ولذلك قال الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴿٢﴾} صدق الله العظيم.

وفتنة الناس بخروج المسيح الكذاب وهو إبليس إذ يتمثّل للناس إنساناً منتحلاً شخصيّة المسيح عيسى ابن مريم فيقول للناس: "أيّها الناس، إنّني المسيح عيسى ابن مريم وأنا الله ربّ العالمين"، ولذلك يسمّى (المسيح الكذاب) كونه ليس بالمسيح عيسى ابن مريم الحقّ، وما كان للمسيح عيسى ابن مريم الحقّ أن يقول ذلك صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى أمّه الصدّيقة القدّيسة المباركة.

ألا وإنّ الشيطان ليمهّد لتلك الفتنة منذ أمدٍ بعيدٍ وجعل طائفةً من اليهود يدخلون في دين النصارى فيؤمنون برسول الله المسيح عيسى ابن مريم ثم يبالغون فيه بغير الحقّ فيقولون أنه الله ربّ العالمين. ولذلك قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} صدق الله العظيم [المائدة:72].

ولذلك حذّر الله النصارى من المنافقين من اليهود بينهم فحذّرهم أن يتَّبعوا أهواءهم، وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحقّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} صدق الله العظيم [المائدة].

واختَلَقَ المنافقون في دين النصارى عقيدة التثليث من بعد أن توفّى اللهُ المسيح عيسى ابن مريم توفّيَ النائمين، ولم يتنصّر المنافقون قبل أن يتوفاه الله؛ بل تنصّروا من بعد أن توفّاه الله ليضلّوا النّصارى بغير الحقّ. وقالوا: بل الله ثالث ثلاثةٍ وهم الله والمسيح وأمّه. فجعلوا النصارى يعتقدون بأنّ الله إلهٌ والمسيح عيسى ابن مريم إلهاً وأمّه إلهاً كذلك، تمهيداً للمسيح الكذاب إبليس الذي سوف يقول أنّه الله، وأما قبيله فسوف يقول أنّه ولد الله، وأما صاحبتهما زوجة الشيطان فسوف تقول أنّها الصدّيقة القدّيسة مريم ابنة عمران! فيصدقون عقيدة التثليث لدى النصارى فيأمرونهم أن يرجعوا لعقيدتهم الحقّ في التثليث بعد أن كانوا مؤمنين بالمهديّ المنتظَر واتّبعوه. ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ(15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ(16)} صدق الله العظيم [الدخان].

وأما البطشة الكبرى فهي الساعة يا علي سالم، ولكن الإمام المهديّ ناصر محمد يسعى لإنقاذ الضالين من المسلمين والنصارى واليهود والناس أجمعين ونحاول أن نغيّر القدر المقدور في الكتاب المسطور بالدّعاء حتى يَبْرَأ الله مصيبتهم في الكتاب فيمحوها فلا تتحقق. إن ذلك على الله يسير. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿٢٢﴾ لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [الحديد].

فكن من الشاكرين يا علي سالم العلمانيّ واتّبع البيان الحقّ للقرآن بالقرآن، ألا والله الذي لا إله غيره إنّ الفرق بين تفاسير المفسرين للقرآن وبيان الإمام المهدي للقرآن بالقرآن هو كالفرق بين ضياء الشمس في كبد السماء وبين ظلماتٍ في بحرٍ لجيٍّ يغشاه موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحابٌ، فاتّقوا الله واتّبعوا البيان الحقّ للكتاب.

ويا علي سالم، إنك تنكر بعث الإمام المهديّ المنتظَر وتنكر خروج المسيح الكذاب في جنة بابل وتنكر خروج يأجوج ومأجوج من جنة بابل وتنكر الدخان المبين؛ هكذا أقرأ فكرك من خلال كلماتك برغم أنك لم توضح عقيدتك في خروج يأجوج ومأجوج لكونك سوف تقول وأين هم فلا وجود لهم فلم تكتشفهم الأقمار الصناعيّة! فمن ثمّ نردّ عليك بالحقّ ونفتيك أنّهم في جنة بابل من تحت الثرى باطن أرضكم وهي جنةٌ لله من تحت الثرى، وجعل الله أباكم آدم خليفةً فيها، وفيها الشيطان من قبل وعالمُ الجنّ فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء. ويا علي سالم لم يقل الله إنّه جاعل آدم خليفةً في جنة المأوى عند سدرة المنتهى، بل قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:30].

ولا يوجد سفك دماء في جنة المأوى عند سدرة المنتهى! ولا يوجد فسادٍ فيها! بل الفساد حدث في جنة بابل من تحت الثرى يسكن فيها الجنّ من قبْلِ الإنس، وغضب إبليس حين جعل الله آدم خليفةً فيها، ولكنّ إبليس يرى أنّه أولى بالخلافة عليها من آدم. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} صدق الله العظيم [الإسراء].

ويا علي سالم، لقد طلب إبليس أن ينظره الله فيها لفتنة آدم وحواء وذريتهم فاستجاب الله طلبه فكان من المُنظرين فيها إلى يوم البعث الأول، والبرهان المبين على أنّه لم يخرجه منها تجده في قول الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الحقّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل ربّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم [طه].

فانظر يا علي سالم إلى البرهان المبين لبقاء إبليس في جنة الله من تحت الثرى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)} صدق الله العظيم [طه].

وركّز يا علي سالم على قول الله تعالى: {قُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)} صدق الله العظيم، وانظر يا علي سالم إلى البرهان الآخر أنه تمّ إخراج منها آدم وحواء وبقي إبليس فيها. وقال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم [طه].

والعداوة هي بين ذريّة آدم وحواء من بعد الخروج، ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم. ويقصد بقوله { قَالَ اهْبِطَا } وهم آدم وحواء وذريتهما في ظهورهما. ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم.

ويا علي سالم، من أفتاكم أنّ الشيطان إبليس كان في جنة المأوى عند سدرة المنتهى؟ ولكنّ الله أعدها للمؤمنين الشاكرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( 133)} صدق الله العظيم [آل عمران]. فكيف يدخل إبليس المفسد في جنة المأوى عند سدرة المنتهى؛ ولكنّ الله أعدّها للشاكرين كما أعدّ النار للكافرين في حياة الخلود! أفلا تتفكرون؟

ولا يزال لدينا من البرهان المبين ما نلجم به أفواه الممترين إلجاماً بإذن الله العليم الحكيم، ولا تلومنا يا علي سالم لماذا زدناك علماً فخذ منه ما تشاء وجادلني فيه فلم نهمل حقيقة بعث المهديّ المنتظَر في محكم الذكر، ولكن موضوع المهديّ المنتظَر والمسيح الكذاب والمسيح عيسى ابن مريم مترابطٌ في البيان الحقّ في الكتاب. واختصرنا كثيراً ولم نتكلم إلا برؤوس الأقلام حتى لا يلومنا علي سالم.

وربما ننصرف عن حوارك يا علي لكوني أرى أنّ معلوماتك التي جئتنا لتجادلنا بها قد تبخّرت كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً! ويبدو أنّ معنا في الموقع ضيفاً جديداً فلربما ننصرف إلى حواره وهو الباحث الإسلامي، ولم نفتح موضوعه بعد وإنّما فقط أبصرت عنوان بيانه في موقعنا.

وأختم هذا البيان بنصيحةٍ أخويةٍ إلى علي سالم أن يكون من الشاكرين إذ قدّر الله وجوده في أمّة الإمام المهديّ، ويكون من الشاكرين إذ أعثرك الله على دعوة الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور، فاتّبع الحقّ حتى لا يكون بعث الإمام المهديّ عليك حسرةً، فلو تعلم كم عظيم ندم الناس من بعد الظهور! وهم الذين أعثرهم الله على دعوة الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور ولم يتبعوه. وإذا رأيناك رددت علينا بسلطان العلم وقرعت الحجّة بالحجّة فسوف تجبرنا أن نواصل الحوار معك، وأما ردودك هذه الخزعبلات من عند نفسك فسوف نترك الحكم للقارئ أيّنا ينطق بالحقّ بسلطان العلم الحقّ ويبيّن القرآن بالقرآن وأيّنا يبيّن القرآن من عند نفسه.

فما أجرأكم على الله إذ تقولون على الله ما لا تعلمون أنّه الحقّ من ربّكم وتحسبون أنّكم على شيءٍ وأنتم لستم على شيءٍ حتى تقيموا هذا القرآن العظيم. ألا والله الذي لا إله غيره أنّ من قال على الله ما لا يعلم أنّه الحقّ من ربّه ببرهانٍ مبينٍ من ربّ العالمين فإنّه قد أطاع أمر الشيطان الذي يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وأشهد الله وكفى بالله شهيداً أنّي الإمام المهدي حقيقٌ لا أقول على الله إلا الحقّ.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
___________

الردّ الثالث من الإمام المهديّ إلى علي سالم بالمزيد من سلطان العلم الملجم بالحقّ


- 5 -
الإمام ناصر محمد اليماني
06 - 02 - 1436 هـ
28 - 11 - 2014 مـ
07:51 صباحاً
ــــــــــــــــــ


الردّ الثالث من الإمام المهديّ إلى علي سالم بالمزيد من سلطان العلم الملجم بالحقّ ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله من الجنّ والإنس وجميع الصالحين في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أما بعد..
فأقول عجيبٌ أمرك وعجيبٌ تفكيرك يا علي سالم! وظننتُ أنّ عندك شيئاً من العلم ولذلك جئتنا لتذود عن حياض الدين بسلطان العلم المبين، ولكن حسب فتواك أنّك لست خريج مدرسةٍ دينيّةٍ بل خرّيج مدرسةٍ علمانيّةٍ، وكذلك تقول أنك لست بعالم دينٍ! فيا رجل، إذاً لماذا جئتنا تزبد وتربد وتفتي أنّ ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ وأعلنت أنك ندٌّ لحوار ناصر محمد اليماني بشرط عدم تدخل الأنصار في الحوار؟ فمن ثم أمرنا الأنصار بعدم التدخل لنرى ما سوف يفعل علي سالم وتفرغنا لحوارك وانصرفنا عن الردّ على كافة المشاركات الأخرى للوافدين، ولكن للأسف وجدناك تجادل في آيات الله بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ، إذاً فكيف سوف تغلب ناصر محمد اليماني ما دمت تأتي بسلطان العلم من عند نفسك حسب رؤيتك وتُأَوِّلَ القرآن والرؤيا حسب رؤيتك بكلامٍ يجلب عليك مقت أولي الألباب المتابعين لحوارك مع الإمام المهديّ ناصر محمد؟

ويا رجل، بالنسبة لدعوى ناصر محمد اليماني أنّ الله زاده في العلم بسطةً على كافة علماء الدين فلكلّ دعوى برهان. وأمّا رؤيا محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بالفتوى الحقّ بأنّني المهديّ المنتظَر وأفتاني أنه [ما جادلني عالِمٌ من القرآن إلا غلبتُه] فإذا كانت رؤيا حقٍّ فلن تجد عالماً ولا جاهلاً يجادلني من القرآن إلا غلبتُه بالحقّ من محكم الكتاب كما سوف أغلبك بسلطان العلم من محكم القرآن العظيم في حقيقة بعث المهديّ المنتظَر.

ويا رجل، إنّي أراك تجهل برهان من اصطفاه الله للناس إماماً والبرهان أنّ الله يزيده بسطةً في علم الكتاب ليحكم بين المخالفين فيما كانوا فيه يختلفون فيجمع شمل الأمّة ويقودهم إلى الصراط المستقيم! فانظر لردّ نبيِّ بنيْ إسرائيل على الذين استنكروا أن يجعل الله الإمام طالوت إمامهم وقائدهم وملكهم ويرون أنهم أحقّ بالملك منه وأنّه ليس من الأغنياء. وقال الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصطفاه عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} صدق الله العظيم [البقرة].

وكذلك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني اصطفاه الله عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم؛ فلا يكون جسمي من بعد موتي جيفةً قذرةً ولا عظاماً نخِرةً وذلك كمثل أجساد الأنبياء وأئمة الكتاب الحقّ المصطفين الأخيار، والله يؤتي ملكه من يشاء يا علي سالم فليس لكم الخيرة في اصطفاء إمام العالمين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} صدق الله العظيم [القصص].

وأمّا تفسيرك لآية العذاب بكسف الحجارة بالدخان المبين فإنه لشيءٌ مضحكٌ لدرجة القهقهة من الضحك! ونقتبس تفسيرك لآية الدخان كما يلي:

من اين اتيت بأن كسف من الحجارة هو الدخان يا رجل ؟!! الدخان حصل في زمن النّبيّ وهو كناية عن الجوع والقحط
لان الجائع يغشى بصره من الجوع فيرى السماء كأنها دخان في عينيه قبل ان يغشى عليه من الجوع بل هذا امرا علميا وطبيا حيث ان الذين يعانون من فقر الدم الحاد بسبب سوء التغذيه يعانون من هذه الظاهرة دائما حيث تظهر على عيونهم غشاوة كغشاوة الدخان ولايستطيعون التمييز بالرؤيا بشكل واضح ... 
فكف عن ترقيعك لتأويل الايات 
واستغفر ربك ولا تفسر القرأن بحسب هوى نفسك
ـــــــــــــــــ
انتهى الاقتباس

فمن ثمّ نردّ عليك بالحقّ ونقول: يا علي سالم لقد أنذر قومَه محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بكسف الحجارة تأتيهم من السماء من كوكب العذاب. ولذلك قال الله تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا ﴿90﴾ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا ﴿91﴾ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً ﴿92﴾} [الإسراء]. ونستنبط أنّ النّبيّ حذّر الكفار المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم من الناس أجمعين أن يصيبهم الله بكسف الحجارة بالدخان المبين من السماء من كوكب العذاب، ونستنبط ذلك من خلال ردّهم على النّبيّ فقالوا: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا}، ويقصدون كسف الحجارة من كوكب العذاب، ولذلك قال الكفار: {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الحقّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} صدق الله العظيم[الأنفال].

وإنّما الدخان هو كسفٌ مركومٌ كالسحاب الأسود. وقال الله تعالى: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ (44)} صدق الله العظيم [الطور]، وتوعّد الله المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم أن يعذبهم بكسف الدخان المبين الأسود المركوم؛ يأتيهم من السماء. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم [الطور].

وبما أنّ وقوعه حتميٌّ فتوعّد الله المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم أن يذيقهم من العذاب الأدنى دون الكسف لعلهم يرجعون. قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم [الطور]. فهل تعلم ما يقصد الله تعالى بقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)}؟ ويقصد أنّه يذيق الكافرين من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون كونهم يسمّونها كوارثَ طبيعيّة. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم؛ أي لا يعلمون أنّ الله يذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون وليست الطبيعة تعذّبهم من ذات نفسها؛ بل الله هو من أمر الطبيعة لو كانوا يعقلون.

وأمّا بالنسبة للعذاب الذي يصيبهم من قبل مجيء كسف الحجارة فهو بسبب تناوش كوكب العذاب مع الأرض من مكانٍ بعيدٍ فيؤثّر على الشمس والقمر والأرض كلما اقترب، فتتزايد بما يسمّونها الكوارث الطبيعية. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم؛ أي دون الكسف بسبب اقتراب كوكب العذاب من أرض البشر.

وقال الله تعالى: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54)} صدق الله العظيم [سبأ].

وهنا يُزال الشكُّ باليقين. وقال الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [الدخان].

ويا علي سالم، إنّي لا أجد في الكتاب حتى قريةً واحدةً لم يأتِهم نصيبهم من كوكب العذاب سواء قرى الكافرين أو قرى المسلمين لكونهم جميعهم معرضون عن اتّباع هذا القرآن العظيم إلا من رحم ربي ويُنجّي الله المتقين. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} صدق الله العظيم [الإسراء]. فهل تعلم ما يقصد الله بقوله كان ذلك في الكتاب مسطوراً؟ أي مسطوراً في محكم القرآن العظيم في قول الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾} صدق الله العظيم.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يقُل الله تعالى يغشى الكفار هذا عذاب أليم؛ بل قال الله تعالى: {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}؟ وذلك كون عذاب الدخان المبين يشمل كافة قرى أهل الأرض كفاراً ومسلمين ما بين عذابٍ وهلاكٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} صدق الله العظيم.

ويا علي سالم، فانظر لحدث العذاب الذي يشمل كافة قرى الكفار والمسلمين أنّه يحدث لأهل الأرض في يوم من قبل مجيء يوم القيامة وذلكم هو عذاب اليوم العقيم يا علي سالم يحدث قبل قيام الساعة لكونه من أشراط الساعة الكبرى؛ ذلكم عذاب اليوم العقيم الذي سوف يُزال منه الشكُ باليقين فيؤمن الناس أجمعون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الحقّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} صدق الله العظيم [الحج]. وكما أخبركم محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أنّ عذاب الدخان من أشراط الساعة الكبرى ولم يقل أنّه سيحدث في عهده عليه الصلاة والسلام، فلكم ضلَّ الناسُ الذين يقولون على الله ما لا يعلمون!

وتعال يا علي سالم لنعلمك بالبرهان الأكبر لبعث المهديّ المنتظَر بحقيقة اسم الله الأعظم لكافة البشر والذي يهدي الله في عصر بعثه الضالين من الناس أجمعين فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. فتجد البرهان في قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّةً واحدةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم [هود].

ونأتي لبيان هذه الآية مباشرةً بآيات من محكم القرآن كما يلي: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً}، وتجدون البيان المقصود في قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [يونس:99]. 

فمن ثم نأتي لبيان قول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)}، ويقصد في عصر الرسل من أولهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم [الأعراف:30]. 

فمن ثم نأتي لقول الله تعالى: إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ }، ويقصد في زمن بعث المهديّ المنتظَر الداعي إلى النّعيم الأكبر من نعيم الجنة كون فيه السرّ والحكمة من خلقهم، فجعل الناس أمّةً واحدةً على الهدى وتحقق الهدف من خلقهم، وذلك المستثنى هو عصر بعثه يجعل الله الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. وأما في عصر بعث الرسل ففريقاً هدى الله وفريقاً حقّ عليهم الضلالة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّةً واحدةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم [هود].

وأما قول الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم، ويقصد حزب الشيطان من الجنّ والإنس وهم شياطين الجنّ والإنس، فتجدون البيان في قول الله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} صدق الله العظيم [ص]. وتلك هي كلمة الحقّ المقصودة في قول الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم؛ وهي قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} صدق الله العظيم. أولئك هم جيوش إبليس المسيح الكذاب إبليس الشيطان الرجيم الذي سوف يأتي لفتنة الناس من بعد إيمانهم جميعاً في عصر بعث الإمام المهديّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].

ويخرج المسيح الكذاب لفتنة الناس من بعد حدَثِ الدخان المبين كون الناس آمنوا بسبب آية العذاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الدخان]. ولذلك قال الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴿٢﴾} صدق الله العظيم.

وفتنة الناس بخروج المسيح الكذاب وهو إبليس إذ يتمثّل للناس إنساناً منتحلاً شخصيّة المسيح عيسى ابن مريم فيقول للناس: "أيّها الناس، إنّني المسيح عيسى ابن مريم وأنا الله ربّ العالمين"، ولذلك يسمّى (المسيح الكذاب) كونه ليس بالمسيح عيسى ابن مريم الحقّ، وما كان للمسيح عيسى ابن مريم الحقّ أن يقول ذلك صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى أمّه الصدّيقة القدّيسة المباركة.

ألا وإنّ الشيطان ليمهّد لتلك الفتنة منذ أمدٍ بعيدٍ وجعل طائفةً من اليهود يدخلون في دين النصارى فيؤمنون برسول الله المسيح عيسى ابن مريم ثم يبالغون فيه بغير الحقّ فيقولون أنه الله ربّ العالمين. ولذلك قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} صدق الله العظيم [المائدة:72].

ولذلك حذّر الله النصارى من المنافقين من اليهود بينهم فحذّرهم أن يتَّبعوا أهواءهم، وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحقّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} صدق الله العظيم [المائدة].

واختَلَقَ المنافقون في دين النصارى عقيدة التثليث من بعد أن توفّى اللهُ المسيح عيسى ابن مريم توفّيَ النائمين، ولم يتنصّر المنافقون قبل أن يتوفاه الله؛ بل تنصّروا من بعد أن توفّاه الله ليضلّوا النّصارى بغير الحقّ. وقالوا: بل الله ثالث ثلاثةٍ وهم الله والمسيح وأمّه. فجعلوا النصارى يعتقدون بأنّ الله إلهٌ والمسيح عيسى ابن مريم إلهاً وأمّه إلهاً كذلك، تمهيداً للمسيح الكذاب إبليس الذي سوف يقول أنّه الله، وأما قبيله فسوف يقول أنّه ولد الله، وأما صاحبتهما زوجة الشيطان فسوف تقول أنّها الصدّيقة القدّيسة مريم ابنة عمران! فيصدقون عقيدة التثليث لدى النصارى فيأمرونهم أن يرجعوا لعقيدتهم الحقّ في التثليث بعد أن كانوا مؤمنين بالمهديّ المنتظَر واتّبعوه. ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ(15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ(16)} صدق الله العظيم [الدخان].

وأما البطشة الكبرى فهي الساعة يا علي سالم، ولكن الإمام المهديّ ناصر محمد يسعى لإنقاذ الضالين من المسلمين والنصارى واليهود والناس أجمعين ونحاول أن نغيّر القدر المقدور في الكتاب المسطور بالدّعاء حتى يَبْرَأ الله مصيبتهم في الكتاب فيمحوها فلا تتحقق. إن ذلك على الله يسير. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿٢٢﴾ لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [الحديد].

فكن من الشاكرين يا علي سالم العلمانيّ واتّبع البيان الحقّ للقرآن بالقرآن، ألا والله الذي لا إله غيره إنّ الفرق بين تفاسير المفسرين للقرآن وبيان الإمام المهدي للقرآن بالقرآن هو كالفرق بين ضياء الشمس في كبد السماء وبين ظلماتٍ في بحرٍ لجيٍّ يغشاه موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحابٌ، فاتّقوا الله واتّبعوا البيان الحقّ للكتاب.

ويا علي سالم، إنك تنكر بعث الإمام المهديّ المنتظَر وتنكر خروج المسيح الكذاب في جنة بابل وتنكر خروج يأجوج ومأجوج من جنة بابل وتنكر الدخان المبين؛ هكذا أقرأ فكرك من خلال كلماتك برغم أنك لم توضح عقيدتك في خروج يأجوج ومأجوج لكونك سوف تقول وأين هم فلا وجود لهم فلم تكتشفهم الأقمار الصناعيّة! فمن ثمّ نردّ عليك بالحقّ ونفتيك أنّهم في جنة بابل من تحت الثرى باطن أرضكم وهي جنةٌ لله من تحت الثرى، وجعل الله أباكم آدم خليفةً فيها، وفيها الشيطان من قبل وعالمُ الجنّ فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء. ويا علي سالم لم يقل الله إنّه جاعل آدم خليفةً في جنة المأوى عند سدرة المنتهى، بل قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:30].

ولا يوجد سفك دماء في جنة المأوى عند سدرة المنتهى! ولا يوجد فسادٍ فيها! بل الفساد حدث في جنة بابل من تحت الثرى يسكن فيها الجنّ من قبْلِ الإنس، وغضب إبليس حين جعل الله آدم خليفةً فيها، ولكنّ إبليس يرى أنّه أولى بالخلافة عليها من آدم. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} صدق الله العظيم [الإسراء].

ويا علي سالم، لقد طلب إبليس أن ينظره الله فيها لفتنة آدم وحواء وذريتهم فاستجاب الله طلبه فكان من المُنظرين فيها إلى يوم البعث الأول، والبرهان المبين على أنّه لم يخرجه منها تجده في قول الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الحقّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل ربّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم [طه].

فانظر يا علي سالم إلى البرهان المبين لبقاء إبليس في جنة الله من تحت الثرى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)} صدق الله العظيم [طه].

وركّز يا علي سالم على قول الله تعالى: {قُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)} صدق الله العظيم، وانظر يا علي سالم إلى البرهان الآخر أنه تمّ إخراج منها آدم وحواء وبقي إبليس فيها. وقال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم [طه].

والعداوة هي بين ذريّة آدم وحواء من بعد الخروج، ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم. ويقصد بقوله { قَالَ اهْبِطَا } وهم آدم وحواء وذريتهما في ظهورهما. ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم.

ويا علي سالم، من أفتاكم أنّ الشيطان إبليس كان في جنة المأوى عند سدرة المنتهى؟ ولكنّ الله أعدها للمؤمنين الشاكرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( 133)} صدق الله العظيم [آل عمران]. فكيف يدخل إبليس المفسد في جنة المأوى عند سدرة المنتهى؛ ولكنّ الله أعدّها للشاكرين كما أعدّ النار للكافرين في حياة الخلود! أفلا تتفكرون؟

ولا يزال لدينا من البرهان المبين ما نلجم به أفواه الممترين إلجاماً بإذن الله العليم الحكيم، ولا تلومنا يا علي سالم لماذا زدناك علماً فخذ منه ما تشاء وجادلني فيه فلم نهمل حقيقة بعث المهديّ المنتظَر في محكم الذكر، ولكن موضوع المهديّ المنتظَر والمسيح الكذاب والمسيح عيسى ابن مريم مترابطٌ في البيان الحقّ في الكتاب. واختصرنا كثيراً ولم نتكلم إلا برؤوس الأقلام حتى لا يلومنا علي سالم.

وربما ننصرف عن حوارك يا علي لكوني أرى أنّ معلوماتك التي جئتنا لتجادلنا بها قد تبخّرت كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً! ويبدو أنّ معنا في الموقع ضيفاً جديداً فلربما ننصرف إلى حواره وهو الباحث الإسلامي، ولم نفتح موضوعه بعد وإنّما فقط أبصرت عنوان بيانه في موقعنا.

وأختم هذا البيان بنصيحةٍ أخويةٍ إلى علي سالم أن يكون من الشاكرين إذ قدّر الله وجوده في أمّة الإمام المهديّ، ويكون من الشاكرين إذ أعثرك الله على دعوة الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور، فاتّبع الحقّ حتى لا يكون بعث الإمام المهديّ عليك حسرةً، فلو تعلم كم عظيم ندم الناس من بعد الظهور! وهم الذين أعثرهم الله على دعوة الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور ولم يتبعوه. وإذا رأيناك رددت علينا بسلطان العلم وقرعت الحجّة بالحجّة فسوف تجبرنا أن نواصل الحوار معك، وأما ردودك هذه الخزعبلات من عند نفسك فسوف نترك الحكم للقارئ أيّنا ينطق بالحقّ بسلطان العلم الحقّ ويبيّن القرآن بالقرآن وأيّنا يبيّن القرآن من عند نفسه.

فما أجرأكم على الله إذ تقولون على الله ما لا تعلمون أنّه الحقّ من ربّكم وتحسبون أنّكم على شيءٍ وأنتم لستم على شيءٍ حتى تقيموا هذا القرآن العظيم. ألا والله الذي لا إله غيره أنّ من قال على الله ما لا يعلم أنّه الحقّ من ربّه ببرهانٍ مبينٍ من ربّ العالمين فإنّه قد أطاع أمر الشيطان الذي يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وأشهد الله وكفى بالله شهيداً أنّي الإمام المهدي حقيقٌ لا أقول على الله إلا الحقّ.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
___________

ما المقصود بقول الله تعالى فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ؟


- 5 -
الإمام ناصر محمد اليماني
06 - 02 - 1436 هـ
28 - 11 - 2014 مـ
07:51 صباحاً
ــــــــــــــــــ


الردّ الثالث من الإمام المهديّ إلى علي سالم بالمزيد من سلطان العلم الملجم بالحقّ ..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله من الجنّ والإنس وجميع الصالحين في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أما بعد..
فأقول عجيبٌ أمرك وعجيبٌ تفكيرك يا علي سالم! وظننتُ أنّ عندك شيئاً من العلم ولذلك جئتنا لتذود عن حياض الدين بسلطان العلم المبين، ولكن حسب فتواك أنّك لست خريج مدرسةٍ دينيّةٍ بل خرّيج مدرسةٍ علمانيّةٍ، وكذلك تقول أنك لست بعالم دينٍ! فيا رجل، إذاً لماذا جئتنا تزبد وتربد وتفتي أنّ ناصر محمد اليماني على ضلالٍ مبينٍ وأعلنت أنك ندٌّ لحوار ناصر محمد اليماني بشرط عدم تدخل الأنصار في الحوار؟ فمن ثم أمرنا الأنصار بعدم التدخل لنرى ما سوف يفعل علي سالم وتفرغنا لحوارك وانصرفنا عن الردّ على كافة المشاركات الأخرى للوافدين، ولكن للأسف وجدناك تجادل في آيات الله بغير علمٍ ولا هدًى ولا كتابٍ منيرٍ، إذاً فكيف سوف تغلب ناصر محمد اليماني ما دمت تأتي بسلطان العلم من عند نفسك حسب رؤيتك وتُأَوِّلَ القرآن والرؤيا حسب رؤيتك بكلامٍ يجلب عليك مقت أولي الألباب المتابعين لحوارك مع الإمام المهديّ ناصر محمد؟

ويا رجل، بالنسبة لدعوى ناصر محمد اليماني أنّ الله زاده في العلم بسطةً على كافة علماء الدين فلكلّ دعوى برهان. وأمّا رؤيا محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بالفتوى الحقّ بأنّني المهديّ المنتظَر وأفتاني أنه [ما جادلني عالِمٌ من القرآن إلا غلبتُه] فإذا كانت رؤيا حقٍّ فلن تجد عالماً ولا جاهلاً يجادلني من القرآن إلا غلبتُه بالحقّ من محكم الكتاب كما سوف أغلبك بسلطان العلم من محكم القرآن العظيم في حقيقة بعث المهديّ المنتظَر.

ويا رجل، إنّي أراك تجهل برهان من اصطفاه الله للناس إماماً والبرهان أنّ الله يزيده بسطةً في علم الكتاب ليحكم بين المخالفين فيما كانوا فيه يختلفون فيجمع شمل الأمّة ويقودهم إلى الصراط المستقيم! فانظر لردّ نبيِّ بنيْ إسرائيل على الذين استنكروا أن يجعل الله الإمام طالوت إمامهم وقائدهم وملكهم ويرون أنهم أحقّ بالملك منه وأنّه ليس من الأغنياء. وقال الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصطفاه عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} صدق الله العظيم [البقرة].

وكذلك الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني اصطفاه الله عليكم وزاده بسطةً في العلم والجسم؛ فلا يكون جسمي من بعد موتي جيفةً قذرةً ولا عظاماً نخِرةً وذلك كمثل أجساد الأنبياء وأئمة الكتاب الحقّ المصطفين الأخيار، والله يؤتي ملكه من يشاء يا علي سالم فليس لكم الخيرة في اصطفاء إمام العالمين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} صدق الله العظيم [القصص].

وأمّا تفسيرك لآية العذاب بكسف الحجارة بالدخان المبين فإنه لشيءٌ مضحكٌ لدرجة القهقهة من الضحك! ونقتبس تفسيرك لآية الدخان كما يلي:

من اين اتيت بأن كسف من الحجارة هو الدخان يا رجل ؟!! الدخان حصل في زمن النّبيّ وهو كناية عن الجوع والقحط
لان الجائع يغشى بصره من الجوع فيرى السماء كأنها دخان في عينيه قبل ان يغشى عليه من الجوع بل هذا امرا علميا وطبيا حيث ان الذين يعانون من فقر الدم الحاد بسبب سوء التغذيه يعانون من هذه الظاهرة دائما حيث تظهر على عيونهم غشاوة كغشاوة الدخان ولايستطيعون التمييز بالرؤيا بشكل واضح ... 
فكف عن ترقيعك لتأويل الايات 
واستغفر ربك ولا تفسر القرأن بحسب هوى نفسك
ـــــــــــــــــ
انتهى الاقتباس

فمن ثمّ نردّ عليك بالحقّ ونقول: يا علي سالم لقد أنذر قومَه محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- بكسف الحجارة تأتيهم من السماء من كوكب العذاب. ولذلك قال الله تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا ﴿90﴾ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا ﴿91﴾ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً ﴿92﴾} [الإسراء]. ونستنبط أنّ النّبيّ حذّر الكفار المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم من الناس أجمعين أن يصيبهم الله بكسف الحجارة بالدخان المبين من السماء من كوكب العذاب، ونستنبط ذلك من خلال ردّهم على النّبيّ فقالوا: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا}، ويقصدون كسف الحجارة من كوكب العذاب، ولذلك قال الكفار: {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الحقّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} صدق الله العظيم[الأنفال].

وإنّما الدخان هو كسفٌ مركومٌ كالسحاب الأسود. وقال الله تعالى: {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ (44)} صدق الله العظيم [الطور]، وتوعّد الله المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم أن يعذبهم بكسف الدخان المبين الأسود المركوم؛ يأتيهم من السماء. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم [الطور].

وبما أنّ وقوعه حتميٌّ فتوعّد الله المعرضين عن اتّباع القرآن العظيم أن يذيقهم من العذاب الأدنى دون الكسف لعلهم يرجعون. قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم [الطور]. فهل تعلم ما يقصد الله تعالى بقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)}؟ ويقصد أنّه يذيق الكافرين من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ولكنّ أكثرهم لا يعلمون كونهم يسمّونها كوارثَ طبيعيّة. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم؛ أي لا يعلمون أنّ الله يذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون وليست الطبيعة تعذّبهم من ذات نفسها؛ بل الله هو من أمر الطبيعة لو كانوا يعقلون.

وأمّا بالنسبة للعذاب الذي يصيبهم من قبل مجيء كسف الحجارة فهو بسبب تناوش كوكب العذاب مع الأرض من مكانٍ بعيدٍ فيؤثّر على الشمس والقمر والأرض كلما اقترب، فتتزايد بما يسمّونها الكوارث الطبيعية. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} صدق الله العظيم؛ أي دون الكسف بسبب اقتراب كوكب العذاب من أرض البشر.

وقال الله تعالى: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ ۖ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ (54)} صدق الله العظيم [سبأ].

وهنا يُزال الشكُّ باليقين. وقال الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾ أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ﴿١٣﴾ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴿١٤﴾} صدق الله العظيم [الدخان].

ويا علي سالم، إنّي لا أجد في الكتاب حتى قريةً واحدةً لم يأتِهم نصيبهم من كوكب العذاب سواء قرى الكافرين أو قرى المسلمين لكونهم جميعهم معرضون عن اتّباع هذا القرآن العظيم إلا من رحم ربي ويُنجّي الله المتقين. ولذلك قال الله تعالى: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} صدق الله العظيم [الإسراء]. فهل تعلم ما يقصد الله بقوله كان ذلك في الكتاب مسطوراً؟ أي مسطوراً في محكم القرآن العظيم في قول الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾} صدق الله العظيم.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يقُل الله تعالى يغشى الكفار هذا عذاب أليم؛ بل قال الله تعالى: {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}؟ وذلك كون عذاب الدخان المبين يشمل كافة قرى أهل الأرض كفاراً ومسلمين ما بين عذابٍ وهلاكٍ. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)} صدق الله العظيم.

ويا علي سالم، فانظر لحدث العذاب الذي يشمل كافة قرى الكفار والمسلمين أنّه يحدث لأهل الأرض في يوم من قبل مجيء يوم القيامة وذلكم هو عذاب اليوم العقيم يا علي سالم يحدث قبل قيام الساعة لكونه من أشراط الساعة الكبرى؛ ذلكم عذاب اليوم العقيم الذي سوف يُزال منه الشكُ باليقين فيؤمن الناس أجمعون. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الحقّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)} صدق الله العظيم [الحج]. وكما أخبركم محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أنّ عذاب الدخان من أشراط الساعة الكبرى ولم يقل أنّه سيحدث في عهده عليه الصلاة والسلام، فلكم ضلَّ الناسُ الذين يقولون على الله ما لا يعلمون!

وتعال يا علي سالم لنعلمك بالبرهان الأكبر لبعث المهديّ المنتظَر بحقيقة اسم الله الأعظم لكافة البشر والذي يهدي الله في عصر بعثه الضالين من الناس أجمعين فيجعلهم أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. فتجد البرهان في قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّةً واحدةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم [هود].

ونأتي لبيان هذه الآية مباشرةً بآيات من محكم القرآن كما يلي: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً}، وتجدون البيان المقصود في قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} صدق الله العظيم [يونس:99]. 

فمن ثم نأتي لبيان قول الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)}، ويقصد في عصر الرسل من أولهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} صدق الله العظيم [الأعراف:30]. 

فمن ثم نأتي لقول الله تعالى: { إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ }، ويقصد في زمن بعث المهديّ المنتظَر الداعي إلى النّعيم الأكبر من نعيم الجنة كون فيه السرّ والحكمة من خلقهم، فجعل الناس أمّةً واحدةً على الهدى وتحقق الهدف من خلقهم، وذلك المستثنى هو عصر بعثه يجعل الله الناس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. وأما في عصر بعث الرسل ففريقاً هدى الله وفريقاً حقّ عليهم الضلالة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أمّةً واحدةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم [هود].

وأما قول الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم، ويقصد حزب الشيطان من الجنّ والإنس وهم شياطين الجنّ والإنس، فتجدون البيان في قول الله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} صدق الله العظيم [ص]. وتلك هي كلمة الحقّ المقصودة في قول الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)} صدق الله العظيم؛ وهي قوله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)} صدق الله العظيم. أولئك هم جيوش إبليس المسيح الكذاب إبليس الشيطان الرجيم الذي سوف يأتي لفتنة الناس من بعد إيمانهم جميعاً في عصر بعث الإمام المهديّ. تصديقاً لقول الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].

ويخرج المسيح الكذاب لفتنة الناس من بعد حدَثِ الدخان المبين كون الناس آمنوا بسبب آية العذاب. تصديقاً لقول الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴿٩﴾ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿١٠﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴿١١﴾ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [الدخان]. ولذلك قال الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴿٢﴾} صدق الله العظيم.

وفتنة الناس بخروج المسيح الكذاب وهو إبليس إذ يتمثّل للناس إنساناً منتحلاً شخصيّة المسيح عيسى ابن مريم فيقول للناس: "أيّها الناس، إنّني المسيح عيسى ابن مريم وأنا الله ربّ العالمين"، ولذلك يسمّى (المسيح الكذاب) كونه ليس بالمسيح عيسى ابن مريم الحقّ، وما كان للمسيح عيسى ابن مريم الحقّ أن يقول ذلك صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى أمّه الصدّيقة القدّيسة المباركة.

ألا وإنّ الشيطان ليمهّد لتلك الفتنة منذ أمدٍ بعيدٍ وجعل طائفةً من اليهود يدخلون في دين النصارى فيؤمنون برسول الله المسيح عيسى ابن مريم ثم يبالغون فيه بغير الحقّ فيقولون أنه الله ربّ العالمين. ولذلك قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} صدق الله العظيم [المائدة:72].

ولذلك حذّر الله النصارى من المنافقين من اليهود بينهم فحذّرهم أن يتَّبعوا أهواءهم، وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحقّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} صدق الله العظيم [المائدة].

واختَلَقَ المنافقون في دين النصارى عقيدة التثليث من بعد أن توفّى اللهُ المسيح عيسى ابن مريم توفّيَ النائمين، ولم يتنصّر المنافقون قبل أن يتوفاه الله؛ بل تنصّروا من بعد أن توفّاه الله ليضلّوا النّصارى بغير الحقّ. وقالوا: بل الله ثالث ثلاثةٍ وهم الله والمسيح وأمّه. فجعلوا النصارى يعتقدون بأنّ الله إلهٌ والمسيح عيسى ابن مريم إلهاً وأمّه إلهاً كذلك، تمهيداً للمسيح الكذاب إبليس الذي سوف يقول أنّه الله، وأما قبيله فسوف يقول أنّه ولد الله، وأما صاحبتهما زوجة الشيطان فسوف تقول أنّها الصدّيقة القدّيسة مريم ابنة عمران! فيصدقون عقيدة التثليث لدى النصارى فيأمرونهم أن يرجعوا لعقيدتهم الحقّ في التثليث بعد أن كانوا مؤمنين بالمهديّ المنتظَر واتّبعوه. ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ(15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ(16)} صدق الله العظيم [الدخان].

وأما البطشة الكبرى فهي الساعة يا علي سالم، ولكن الإمام المهديّ ناصر محمد يسعى لإنقاذ الضالين من المسلمين والنصارى واليهود والناس أجمعين ونحاول أن نغيّر القدر المقدور في الكتاب المسطور بالدّعاء حتى يَبْرَأ الله مصيبتهم في الكتاب فيمحوها فلا تتحقق. إن ذلك على الله يسير. تصديقاً لقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ ﴿٢٢﴾ لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [الحديد].

فكن من الشاكرين يا علي سالم العلمانيّ واتّبع البيان الحقّ للقرآن بالقرآن، ألا والله الذي لا إله غيره إنّ الفرق بين تفاسير المفسرين للقرآن وبيان الإمام المهدي للقرآن بالقرآن هو كالفرق بين ضياء الشمس في كبد السماء وبين ظلماتٍ في بحرٍ لجيٍّ يغشاه موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحابٌ، فاتّقوا الله واتّبعوا البيان الحقّ للكتاب.

ويا علي سالم، إنك تنكر بعث الإمام المهديّ المنتظَر وتنكر خروج المسيح الكذاب في جنة بابل وتنكر خروج يأجوج ومأجوج من جنة بابل وتنكر الدخان المبين؛ هكذا أقرأ فكرك من خلال كلماتك برغم أنك لم توضح عقيدتك في خروج يأجوج ومأجوج لكونك سوف تقول وأين هم فلا وجود لهم فلم تكتشفهم الأقمار الصناعيّة! فمن ثمّ نردّ عليك بالحقّ ونفتيك أنّهم في جنة بابل من تحت الثرى باطن أرضكم وهي جنةٌ لله من تحت الثرى، وجعل الله أباكم آدم خليفةً فيها، وفيها الشيطان من قبل وعالمُ الجنّ فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء. ويا علي سالم لم يقل الله إنّه جاعل آدم خليفةً في جنة المأوى عند سدرة المنتهى، بل قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:30].

ولا يوجد سفك دماء في جنة المأوى عند سدرة المنتهى! ولا يوجد فسادٍ فيها! بل الفساد حدث في جنة بابل من تحت الثرى يسكن فيها الجنّ من قبْلِ الإنس، وغضب إبليس حين جعل الله آدم خليفةً فيها، ولكنّ إبليس يرى أنّه أولى بالخلافة عليها من آدم. وقال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} صدق الله العظيم [الإسراء].

ويا علي سالم، لقد طلب إبليس أن ينظره الله فيها لفتنة آدم وحواء وذريتهم فاستجاب الله طلبه فكان من المُنظرين فيها إلى يوم البعث الأول، والبرهان المبين على أنّه لم يخرجه منها تجده في قول الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الحقّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل ربّ زِدْنِي عِلْمًا (114) وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم [طه].

فانظر يا علي سالم إلى البرهان المبين لبقاء إبليس في جنة الله من تحت الثرى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)} صدق الله العظيم [طه].

وركّز يا علي سالم على قول الله تعالى: {قُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)} صدق الله العظيم، وانظر يا علي سالم إلى البرهان الآخر أنه تمّ إخراج منها آدم وحواء وبقي إبليس فيها. وقال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم [طه].

والعداوة هي بين ذريّة آدم وحواء من بعد الخروج، ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم. ويقصد بقوله { قَالَ اهْبِطَا } وهم آدم وحواء وذريتهما في ظهورهما. ولذلك قال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123)} صدق الله العظيم.

ويا علي سالم، من أفتاكم أنّ الشيطان إبليس كان في جنة المأوى عند سدرة المنتهى؟ ولكنّ الله أعدها للمؤمنين الشاكرين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( 133)} صدق الله العظيم [آل عمران]. فكيف يدخل إبليس المفسد في جنة المأوى عند سدرة المنتهى؛ ولكنّ الله أعدّها للشاكرين كما أعدّ النار للكافرين في حياة الخلود! أفلا تتفكرون؟

ولا يزال لدينا من البرهان المبين ما نلجم به أفواه الممترين إلجاماً بإذن الله العليم الحكيم، ولا تلومنا يا علي سالم لماذا زدناك علماً فخذ منه ما تشاء وجادلني فيه فلم نهمل حقيقة بعث المهديّ المنتظَر في محكم الذكر، ولكن موضوع المهديّ المنتظَر والمسيح الكذاب والمسيح عيسى ابن مريم مترابطٌ في البيان الحقّ في الكتاب. واختصرنا كثيراً ولم نتكلم إلا برؤوس الأقلام حتى لا يلومنا علي سالم.

وربما ننصرف عن حوارك يا علي لكوني أرى أنّ معلوماتك التي جئتنا لتجادلنا بها قد تبخّرت كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً! ويبدو أنّ معنا في الموقع ضيفاً جديداً فلربما ننصرف إلى حواره وهو الباحث الإسلامي، ولم نفتح موضوعه بعد وإنّما فقط أبصرت عنوان بيانه في موقعنا.

وأختم هذا البيان بنصيحةٍ أخويةٍ إلى علي سالم أن يكون من الشاكرين إذ قدّر الله وجوده في أمّة الإمام المهديّ، ويكون من الشاكرين إذ أعثرك الله على دعوة الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور، فاتّبع الحقّ حتى لا يكون بعث الإمام المهديّ عليك حسرةً، فلو تعلم كم عظيم ندم الناس من بعد الظهور! وهم الذين أعثرهم الله على دعوة الإمام المهديّ في عصر الحوار من قبل الظهور ولم يتبعوه. وإذا رأيناك رددت علينا بسلطان العلم وقرعت الحجّة بالحجّة فسوف تجبرنا أن نواصل الحوار معك، وأما ردودك هذه الخزعبلات من عند نفسك فسوف نترك الحكم للقارئ أيّنا ينطق بالحقّ بسلطان العلم الحقّ ويبيّن القرآن بالقرآن وأيّنا يبيّن القرآن من عند نفسه.

فما أجرأكم على الله إذ تقولون على الله ما لا تعلمون أنّه الحقّ من ربّكم وتحسبون أنّكم على شيءٍ وأنتم لستم على شيءٍ حتى تقيموا هذا القرآن العظيم. ألا والله الذي لا إله غيره أنّ من قال على الله ما لا يعلم أنّه الحقّ من ربّه ببرهانٍ مبينٍ من ربّ العالمين فإنّه قد أطاع أمر الشيطان الذي يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وأشهد الله وكفى بالله شهيداً أنّي الإمام المهدي حقيقٌ لا أقول على الله إلا الحقّ.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
___________