الثلاثاء، 29 يناير 2013

رجل تزوج فتاة ثم تبين أنها أخته من الرضاعة ولم يعلم بذلك إلا بعد أن أنجبت منه أطفالاً. ما هو الحكم الشرعي في هذا الزواج؟


-2-
الإمام ناصر محمد اليماني
18 - 03 - 1434 هـ
29 - 01 - 2013 مـ
06:12 صـــباحاً
ــــــــــــــــــــ


لم يأمر الله بتدمير الأسرة والتفريق بين الأمّ وزوجها وتَيَتُمِ الأطفال وحتى لو كانت أختاً لزوجها من الرضاعة..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة أنبياء الله ورسله وآلهم الأطهار وجميع أنصار الله الواحد القهّار إلى اليوم الآخر، أمّا بعد..

حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ لم يأمر الله بتدمير الأسرة والتفريق بين الأم وزوجها وتيتُّم أطفالها وهي حيّةٌ ثم تتزوج برجلٍ آخر حتى ولو كانت أختاً لزوجها من الرضاعة بشرط أنّ الزوج والزوجة لم يعلموا أنّهم إخوةٌ من الرَّضاعة إلا بعد أن تزوّجوا وأنجبوا الأطفال ومن ثمّ اكتشفوا بأنّهم إخوة من الرضاعة، فهنا لم يأمر الله بالتفريق بينهما وبتيَتّم أطفالهما وأبويهما أحياءٌ كون أولئك يدخلون ضمن قول الله تعالى: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم [النساء:23].

((( كون الله لا يريد أن يدمّر أسرة من أجل تطبيق شرعٍ جهلوه من قبل، سبحانه وهو الغفور الرحيم )))

ويا أيّها السائل أبلغ (صاحب ردفان) إنْ كان لا يعلم أنّ زوجته رضعت من امرأةٍ أرضعته من قبل فإنه لا حرج عليه من ربّه وأنّ زوجته حلالٌ طيبٌ بسبب عدم درايته فلم يأمره الله أن يطِّلق زوجته لتتزوج برجلٍ آخر فيصبح أطفاله أيتامَ الأمّ بغير ذنبٍ من الأمّ والأب والأطفال، فكيف يأمركم الله بتدمير أسرة حتى لو كانت الزوجة امرأة أبيه؟ فذلك أكبر حرمةً عند الله، فحين نزل التحريم من زواج امرأة الأب فلم يأمر الله بتفريق الأسرة والطلاق بالفراق، سبحانه وهو أرحم الراحمين؛ بل قال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [النساء].

فبرغم أنّ زواج الابن بمن كانت زوجة أبيه {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً}، ورغم ذلك لم يأمر الله الذين قد تزوّجوا من قَبْلِ الفتوى أن يطلقوا زوجاتهم وبأنْ يتَيَتّم أطفالهم ويتشرّدوا ويتفرّقوا، سبحانه! ولذلك قال الله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} صدق الله العظيم [النساء:22].

بمعنى: إلا ما قد سلف فإنه يستمر نكاحهم؛ فلم يأمرهم الله بالطلاق وتيتّم الأطفال كونه سوف تَتَدَمَّرُ أسرةٌ من أجل تطبيق مسألةٍ شرعيّةٍ، ولكن الله حرّم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً، فعدم الدراية أن ذلك محرَّمٌ قد شفع لهم عند ربّهم، ولم يأمرهم بالطلاق وتيتم الأطفال والفراق بعد المحبة فذلك حرمته عند الله أعظم وهو أرحم الراحمين. ولذلك قال الله تعالى: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم [النساء:23].

فانظروا لقول الله تعالى: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم. فهل تعلمون لماذا قال: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم [النساء:23]؟ أي غفوراً فلم يأمره بالطلاق والفراق رحمة بهم وبأولادهم، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.

وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "وإن تزوّج الرجل أخته من الرضاعة وهو يعلم أنّها أخته من الرضاعة؟" ومن ثم يردّ عليه الإمام المهدي وأقول: إن ذلك تعدٍ لحدود الله ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه ولن يجد له من دون الله وليَّاً ولا نصيراً، وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.. 

ويا أيها السائل العالم الجليل رضي الله عنك وأرضاك، فبلِّغ فتوانا بالحقّ للزوجين ولا تأخذك العزّة بالإثم يا حبيبي في الله كونك أفتيت صاحب ردفان أن يطلق زوجته، ولكن لا تثريب عليك فأبلغهم فتوانا بالحقّ رضي الله عنك وأرضاك بنعيم رضوانه حبيبي في الله.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــ

-3-
الإمام ناصر محمد اليماني
21 - 03 - 1434 هـ
01 - 02 - 2013 مـ
03:57 صــــباحاً
ـــــــــــــــــــــ

مزيدٌ من التفصيل إلى السائل العالم الجليل أحد علماء المسلمين المكرمين..

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين وآلهم الطيبين من أولهم إلى خاتمهم محمد رسول الله صلّى الله عليهم وأسلم تسليماً وجميع المسلمين إلى يوم الدين..

ويا فضيلة الشيخ العالم الجليل السائل الباحث عن الحقّ بإذن الله رضي الله عنك وأرضاك، وقبل أن أجيب على سؤالك أقول: فهل يعقل أن يتزوج الابن امرأة وهي أمّ أبيه بالنسب أو بالرضاعة؟ فهي أمّ أبيه ويناديها أبوه (يا أمي فلانة)، فهل يجوز لابنه أن يتزوج أم أبيه!؟ وتجد ذلك يرفضه العقل والمنطق. وكذلك هل يعقل أن يتزوج الابن عمّته وهي أخت أبيه في النسب أو أخت أبيه من الرضاعة؟ وحاشا لله ربّ العالمين؛ بل ذلك محرمٌ في كتاب الله وسُنّة رسوله الحقّ، وصدق محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بقوله: [يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب] صدق عليه الصلاة والسلام وآله.

ألا وإنّ إخوة الرجل من الرضاعة صاروا أعماماً لذرّية أخيهم من الرضاعة فيدخلون ضمن المحارم في كتاب الله، وإنّما يَحِلُّ لإخوة الرجل وأخواته أن يتزوّجوا بإخوة أخيهم من الرضاعة كونهم لا علاقة لهم بإخوة الرضاعة وإنّما رضع أخاهم من امرأة فأصبح هو فقط أخاً لأولاد تلك المرأة التي أرضعته ولا علاقة للإخوة بإخوة الرضاعة؛ وإنما علاقة إخوة الرضاعة والمحارم على أخيهم وذرّيته كون ذرّيته يختلف الأمر لأنّ أولاد المرأة التي أرضعت أباهم صاروا أعماماً وعماتٍ ويدخلون ضمن المحارم، كما يحرم في النسب أن يتزوج الرجل بأخت أبيه.

وربّما يود أحد السائلين أن يقول يا إمامي: "يا للهول فإني قد نكحت امرأةً وتبيّن لي أنها أخت أبي من الرضاعة وأنجبت منها أولاداً ذكوراً وإناثا ولم أكن أعلم بحرمة ذلك، أو لم أكن أعلم أن زوجتي أخت أبي من الرضاعة إلا الآن، فما هو الحل يا إمام المسلمين؟" ومن ثم يردّ عليه الإمام المهدي وأقول: لم يأمرك الله أن تطلِّقَها حتى لا تُيَتِّمْ أطفالك فتتزوج أمّهم برجلٍ آخر؛ بل رحم الله أطفالك ورحم أمّهم ورحمك معهم ولم يأمرك الله أن تطلقها بل يستمر زواجكما كونك لا تعلم بحرمة ذلك من قبل الزواج فينطبق عليك وعلى أمثالك قول الله تعالى: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم [النساء:23].

وربّما يودّ أحد السائلين أن يقول: "يا ناصر محمد، أفتني من محكم كتاب الله أنّه يقصد {مَا قَدْ سَلَفَ} بأنه قد أصبح الحرام حلالاً طيباً في مواضع محددةٍ من بعد التوبة أن يعود لمثل ذلك". ومن ثم يردّ عليه الإمام المهدي وأقول: قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} صدق الله العظيم [البقرة:275].

وهنا تجدون أنّ الأموال التي اكتسبها من الربا فمن بعد التوبة وأن لا يعود لمثل ذلك فقد صارت الأموال الحرام التي اكتسبها من الربا قد صارت حلالاً طيباً من بعد التوبة، ونستنبط من هذه الآية ما المقصود بقوله تعالى: {إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} أي أنّه أبقى عليه ماله كونه ليس مال سرقةٍ أو نهبٍ بل كان بتراضي الطرفين؛ غير أنّ الربا محرمٌ في كتاب الله ولكن من تاب من أكل أموال النّاس بالربا فقد أصبح ما سلف حلالاً طيباً من بعد التوبة، إن ربي غفورٌ رحيمٌ. والمهم أننا استنبطنا المقصود من قول الله تعالى:
{إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم
{إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم
{إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} صدق الله العظيم

أي إلا ما قد مضى وانقضى فله وضع خاصٌ؛ أي من الخصوصيات رحمةً من الله، فما أرحم الله أرحم الراحمين! فتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. 

وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق